الْمُشْرِكِينَ) (١) النازل في أول الدعوة العلنية فكيف يتصوّر منه صلىاللهعليهوآلهوسلم العبوس والإعراض عن المؤمنين وقد أمر باحترام إيمانهم وخفض الجناح وأن لا يمد عينيه إلى دنيا أهل الدنيا.
على أن قبح ترجيح غنى الغني ـ وليس ملاكا لشيء من الفضل ـ على كمال الفقير وصلاحه بالعبوس والإعراض عن الفقير والإقبال على الغني لغناه قبح عقلي مناف لكريم الخلق الإنساني لا يحتاج في لزوم التجنب عنه إلى نهي لفظي.
وبهذا وما تقدمه يظهر الجواب عما قيل : إن الله سبحانه لم ينهه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذا الفعل إلا في هذا الوقت فلا يكون معصية منه إلّا بعده ، وأما قبل النهي فلا.
وذلك أن دعوى أنه تعالى لم ينهه إلّا في هذا الوقت تحكّم ممنوع ، ولو سلّم فالعقل حاكم بقبحه ومعه ينافي صدوره كريم الخلق ، وقد عظّم الله خلقه (ص وآله) قبل ذلك إذ قال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وأطلق القول ، والخلق ملكة لا تتخلف عن الفعل المناسب لها ...»(٢).
* * * * *
__________________
(١) سورة الحجر : ٩٤.
(٢) تفسير الميزان ج ٢٠ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.