فلما رآه تقذر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه»(١).
وقال المولى محسن الملقّب ب «الفيض الكاشاني» (١٠٠٧ ـ ١٠٩١ ه) :
«نزلت في عثمان وابن أم مكتوم .. وأما ما اشتهر من تنزيل هذه الآيات في النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم دون عثمان فيأباه سياق مثل هذه المعاتبات الغير اللائقة بمنصبه وكذا ما ذكر بعدها إلى آخر السورة كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام ويشبه أن يكون من مختلقات أهل النفاق خذلهم الله تعالى» (٢).
وقال السيّد محمّد حسين الطباطبائي (١٣٢١ ـ ١٤٠٢ ه):
«وليست الآيات ظاهرة الدلالة على أن المراد بها هو النبي بل هو خبر محض لم يصرّح بالمخبر عنه بل فيها ما يدل على أن المعني بها غيره ... إلى أن قال :
وقد عظّم الله خلقه صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ قال : وهو قبل نزول هذه السورة (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) والآية واقعة في سورة «ن» التي اتفقت الروايات المبينة لترتيب نزول السور على أنها نزلت بعد سورة اقرأ باسم ربك ، فكيف يعقل أن يعظّم الله خلقه في أول بعثته ويطلق القول في ذلك ثم يعود فيعاتبه على بعض ما ظهر من أعماله الخلقية ويذمه بمثل التصدي للأغنياء وإن كفروا ، والتلهي عن الفقراء وإن آمنوا واسترشدوا. وقال تعالى أيضا : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ* وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٣) فأمره بخفض الجناح للمؤمنين ، والسورة من السور المكية ، والآية في سياق قوله «وانذر عشيرتك الأقربين» النازل في أوائل الدعوة.
وكذا قوله : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٤) وفي سياق الآية قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ج ١٠ / ٢١٠.
(٢) تفسير الصافي ج ٥ / ٢٨٥.
(٣) سورة الشعراء : ٢١٤ ـ ٢١٥.
(٤) سورة الحجر : ٨٨.