وقال السيّد علي بن الحسين الموسوي المرتضى (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه):
«فإن قيل أليس قد عاتب الله تعالى نبيّه في إعراضه عن ابن أم مكتوم لمّا جاءه وأقبل على غيره بقوله (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى ، وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) وهذا أيسر ما فيه أن يكون صغيرا.
والجواب : قلنا أمّا ظاهر الآية فغير دال على توجهها إلى النبيّ ولا فيها ما يدل على أنه خطاب له صلىاللهعليهوآلهوسلم بل هي خبر محض لم يصرّح بالمخبر عنه وفيها ما يدل عند التأويل على أن المعنيّ بها غير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفات النبيّ في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين فضلا عن المؤمنين المسترشدين ثم وصفه بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء وهذا مما لا يصف به نبينا عليهالسلام من يعرفه فليس هذا مشبها لأخلاقه صلىاللهعليهوآلهوسلم الواسعة وتحننه على قومه وتعطفه وكيف يقول له وما عليك ألّا يزكّى وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم مبعوث للدعاء والتنبيه وكيف لا يكون ذلك عليه ، وكان هذا القول إغراء بترك الحرص على إيمان قومه ، وقد قيل إن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها ، ونحن إن شككنا في عين من نزلت فيه فلا ينبغي أن نشك في أنها لم يعن بها النبيّ ، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والإقبال على الأغنياء الكافرين والتصدي لهم ، وقد نزّه الله تعالى النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم عما دون هذا في التنفير بكثير» (١).
وقال الشيخ الطبرسي (٤٦٢ ـ ٥٢٣ ه):
«قال المرتضى علم الهدى : ليس في ظاهر الآية دلالة على توجهها إلى النبي ـ ... ـ بعد أن استعرض كلام المرتضى قال : وقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام : أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي فجاء ابن أم مكتوم
__________________
(١) تنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى ص ١١٩.