تألفه من معان محسوسة أو قريبة من الحس ومبتذلة إلى حدّ ما ، فجاء استعمالها من قبل القرآن ـ الكتاب الذي جاء للبشرية على مختلف مستوياتهم إلى الأبد ـ غريبا عن المألوف العام.
ومن ثم قصرت أفهامهم عن إدراك حقائقها ما عدا ظواهر اللفظ والتعبير ، إذ كانت الألفاظ تقصر بالذات عن أداء مفاهيم لم تكن تطابقها ، ومن ثمّ كان اللجوء إلى صنوف المجاز وأنواع الاستعارات ، أو الإيفاء بالكناية ودقائق الإشارات ، الأمر الذي قرّب المفاهيم القرآنية إلى مستوى أفهام العامة من جهة ، وبعدها من جهة أخرى ، قربها من جهة إخضاعها لقوالب لفظية كانت مألوفة لدى العرب ، وبعدها حيث سمو المعنى ، كان يأبى الخضوع لقوالب لم تكن موضوعة لمثله ، كما كان يأبى النزول مع المستوى الهابط مهما بولغ في إخضاعه ، إذ اللفظ يقصر عن أداء مفهوم لا يكون قالبا له ولا يتطابقه تماما.
هذه الوجوه هي السبب الأقوى لوقوع التشابه في تعبيرات القرآن بالذات ككثير من مسائل كلامية غامضة تبحث عن شئون المبدأ تعالى والمعاد ، ومسائل شئون الخليفة وما انطوت عليه من أسرار وغوامض خافية على غالبية الناس.
* * * * *