وقد ضرب عثمان عبد الله بن مسعود الصحابي (١) الجليل حتى أصيب بالفتق ، وصار طريح الفراش ومات.
____________________________________
قال البلاذري (١) :
حدّثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف وعوانة في إسنادهما : أنّ عبد الله بن مسعود حين ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة قال : من غيّر غيّر الله ما به ، ومن بدّل أسخط الله عليه ، وما أرى صاحبكم إلّا وقد غيّر وبدّل ، أيعزل مثل سعد بن أبي وقاص ويولّى الوليد؟ وكان يتكلم بكلام لا يدعه وهو :
«إن أصدق القول كتاب الله ، وأحسن الهدى هدى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وكل محدث بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار».
فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال : إنه يعيبك ويطعن عليك ، فكتب إليه عثمان يأمر بإشخاصه ؛ فاجتمع الناس فقالوا : أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه ، فقال : «إنّ له عليّ حق الطاعة ولا أحبّ أن أكون أوّل من فتح باب الفتن». وفي لفظ أبي عمر : «إنها ستكون أمور وفتن لا أحبّ أن أكون أوّل من فتحها». فردّ الناس وخرج إليه (٢).
وقال البلاذري أيضا :
وشيّعه أهل الكوفة فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن فقالوا له : جزيت خيرا فلقد علّمت جاهلنا ، وثبّت عالمنا ، وأقرأتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، فنعم أخو الإسلام أنت ونعم الخليل ؛ ثم ودّعوه وانصرفوا. وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فلما رآه قال : ألا إنه قد قدمت عليكم دويبة سوى من يمشي على طعامه يقيء ويسلح ، فقال ابن مسعود :
__________________
(١) أنساب الأشراف ج ٥ / ٣٦.
(٢) الاستيعاب ج ١ / ٣٧٣.