وروى الذهبي أن عمر حبس ثلاثة : ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري ، فقال: أكثرتم الحديث عن رسول الله (١).
وكان يقول للصحابة : أقلّوا الرواية عن رسول الله إلّا في ما يعمل به (٢).
وهكذا كان على عهد عثمان بن عفان الذي يسمونه بذي النورين كذبا وزورا ، فقد أقرّ منع كتابة الحديث ، فقال مرة :
«لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به على عهد أبي بكر ولا على عهد عمر» (٣).
وتطبيقا للخطة التي رسمها عمر في إطفاء أخبار رسول الله ، سار عثمان فوضع على الأفواه أوكية ، لذا شدّد النكير على الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري ، فمنعه من الحديث والجهر بالحق.
روى الدارمي وغيره من : «أن أبا ذر كان جالسا عند الجمهرة الوسطى وقد اجتمع الناس يستفتونه ، فأتاه رجل فوقف عليه ، ثم قال : ألم تنه عن الفتيا؟ فرفع رأسه إليه ، فقال : أر قيب أنت عليّ؟ لو وضعتم الصمصامة على هذه ـ وأشار إلى قفاه ـ ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعت من رسول الله قبل أن تجيزوا عليّ لأنفذتها» (٤).
وروى الأخنف بن قيس قال :
أتيت الشام فجمّعت (٥) ، فإذا رجل لا ينتهي إلى سارية إلا فرّ أهلها يصلّي
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ج ١ / ٧ بترجمة عمر.
(٢) تاريخ ابن كثير ج ٨ / ١٠٧.
(٣) منتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج ٤ / ٦٤.
(٤) سنن الدارمي ج ١ / ١٣٢ وطبقات ابن سعد ج ٢ / ٣٥٤ وصحيح البخاري : باب العلم قبل القول ج ١ / ١٦١.
(٥) فجمّعت : أي حضرت الصلاة يوم الجمعة.