ويقولون هذا صلحنا ، وأحيانا مائتي ألف ، وأحيانا ثلاثمائة ألف وكانوا ربما أعطوا ذلك وربما منعوه ثم امتنعوا وكفروا فلم يعطوا خراجا حتى أتاهم يزيد بن المهلب فلم يعازه أحد حين قدمها ، فلما صالح صولا وفتح البحيرة ودهستان صالح أهل جرجان على صلح سعيد بن العاص (١).
فكان همّ خلفاء الفتوحات جلب النفائس والحلي والدراهم والجواري (٢).
قال ابن الأثير :
«إن معاوية بن أبي سفيان عزل معاوية بن حديج عن إفريقية ، واستعمل عليها عقبة بن نافع الفهري ، وكان مقيما ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمرو بن العاص ، ... فلما استعمله معاوية سيّر إليه عشرة آلاف فارس ، فدخل إفريقية وانضاف إليه من أسلم من البربر فكثر جمعه ، ووضع السيف في أهل البلاد لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام ، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتدّ من أسلم» (٣).
وهكذا نجد عدم اهتمام كثير من الصحابة بالإسلام كعقيدة ثابتة ، لذا قال موسى بن يسار : «إن أصحاب رسول الله كانوا أعرابا جفاة ، فجئنا نحن أبناء فارس فلخصنا هذا الدين»(٤).
الثاني : أدت سياسة التمييز في العطاء ، وتفضيل العرب على العجم ، والهيمنة والسيطرة التي كانت سائدة بين أواسط الحكام وأتباعهم ، مضافا إلى وفور النعم ، إلى الإعجاب بالنفس والغرور ، مع عدم وجود روادع دينية أو وجدانية لديهم ، فنال الأمة منهم كل مكروه ، وأصيب الإسلام على أيديهم في مقاتله. لقد
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٣ / ٣٢٥ حوادث عام ٣٠ ه.
(٢) نفس المصدر ج ٣ / ٣٥٨ ، والكامل في التاريخ ج ٢ / ٤٩٢.
(٣) الكامل في التاريخ ج ٣ / ٤٦٥ وج ٢ / ٤٤٨ ، وتاريخ الطبري ج ٣ / ٣٦٠ والفتوحات الإسلامية لدحلان ، الجزء الأول.
(٤) ميزان الاعتدال ج ٤ / ٢٢٧.