وتنقبض له الصدور ، وتزوّر عنه العيون ..» (١).
... فهذا هو عمر بن الخطاب في مفهوم من والاه! وللبيب الحكم على هذه الشخصية بناء على ذلك!!
إشكال :
جاء في خبر الحديبية أن أمير المؤمنين لم يمح لقب رسول الله من بنود الصلح ، أليس هذا تخلّفا عن امتثال أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وإذا جاز عدم الامتثال هنا ، جاز التخلّف حينئذ عن الاتيان بالدواة والكتف ليكتب للمسلمين الكتاب فلا يضلون أبدا!
والجواب :
فرق واضح بين الأمرين ، إذ إنّ تخلّفهم عن الإتيان بالدواة والكتف تعقّبه التنازع فيما بينهم وسخط رسول الله على المتخلّفين ، وهكذا سخطه عليهم لمّا تخلّفوا عن جيش أسامة ، ولعنه على المتخلّفين ، أما ما ورد في صلح الحديبيّة فيختلف تماما عمّا ذكرنا آنفا ، إذ لم يتعقّبه سخط منه ، ولا أن المسلمين تنازعوا في الأمر ، كما أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بإمكانه أن يأمر أحدا غير الإمام علي عليهالسلام ليمحى لقبه الشريف ، ويظهر أن أمره كان على نحو الإباحة لا على الوجوب وإلّا لكان أمير المؤمنين عليّ أوّل الممتثلين لأدائه كغيره من الوظائف التي لم يتخلّف في امتثالها عن رسول الله.
ولعلّ وجه عدم الامتثال فيه أمران :
الأول : ليشير أمير المؤمنين ـ فديته بنفسي ـ أن إزالة جبل من مكانه أهون عنده عليهالسلام من إزالة لقب أطلقه الله على رسوله الأمين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثاني : ليدفع ـ وبإيحاء من رسول الله ـ عمّا علق في نفوس الناس من أنه لا
__________________
(١) عمر بن الخطاب لعبد الكريم الخطيب ص ٥٥ ـ ٥٦ بتصرف ، ط / دار الفكر العربي.