واعتذر بعض النحاة من الأصحاب بأن الوجوب مثلا في هذه النيّة غاية لما قبله ، والتقرب غاية للوجوب ، فتعدد الغاية بحسب تعدد المغيّا ، فاستغني عن الواو. فإذا صورت النيّة على الوجه الذي ذكرناه لم يكن إلاّ غاية واحدة ويزول ذلك الإيراد من أصله ، مع انّه ليس له تعلق بالنيّة الشرعية ، بل متعلقه الألفاظ التي لا مدخل لها في المقصود. فإن أريد التعبير بنيّة تطابق ما ذكرنا ملفوظة فليقل أصلي فرض الظهر الواجب المؤدي أو المقضي قربة الى الله وهذه العبارة كافية في هذا المقام ونحوها من العبارات والغرض بها إيصال المعاني إلى فهم المكلفين لا التلفظ بها.
ومن الأصحاب من جعل إحضار ذات الصلاة وصفاتها هي المقصودة ، والأمور الأربعة مشخصات للمقصود ، أي : يقصد
الذات والصفات مع التعيين والوجوب والأداء والقربة ، وكانت نيته هكذا : ( أصلّي فرض الظهر ) بأن أوجد النية وتكبيرة الإحرام مقارنة لها ، ثم اقرأ ، ويعدّد أفعال الصلاة الى آخرها ، ثم يعيد ( أصلي فرض الظهر ) على هذه الصفات أداء الى آخره (١). وهذا وان كان مجزيا ، الاّ ان الاعراض عنه من أوجه ثلاثة.
أحدها : انه لم يعهد عن السلف فعله.
وثانيها : انه زيادة تكليف والأصل عدمه.
وثالثها : انه عند فراغه من التعدّد وشروعه في النيّة ، لا تبقي تلك الاعداد في التخيّل مفصّلة ، فإن كان الغرض التفصيل فقد فات ، وان اكتفى بالتصور الإجمالي فهو حاصل بـ ( صلاة الظهر ) إذ مسماها تلك الافعال.
على ان جميع ما عدّده انما يفيد التصوّر الإجمالي ، إذ واجب كل واحد من تلك الافعال لم يعرض له ، مع أنها أجزاء ، منها مادية أو صورية.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم انه يجب عند إحضار الذات والصفات والقصد
__________________
(١) راجع : شرائع الإسلام ١ : ٧٨.