ولم أقف على اسناد هذا الحديث النبوي ، والظاهر انّ المسألة إجماعية ، ولأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتطهير مكان البول (١) ، ولظاهر : « فلا يقربوا المسجد » (٢) ، وللأمر بتعاهد النعل (٣).
نعم ، الأقرب عدم تحريم إدخال النجاسة غير ملوثة للمسجد وفرشه ، للإجماع على جواز دخول الصبيان والحيّض من النساء جوازا مع عدم انفكاكهم من نجاسة غالبا ، وقد ذكر الأصحاب جواز دخول المجروح والسلس والمستحاضة مع أمن التلويث ، وجواز القصاص في المساجد للمصلحة مع فرش ما يمنع من التلويث.
فرع :
لو كان في المساجد نجاسة ملوثة وجب إخراجها كفاية.
ولو أدخلها مكلّف تعيّن عليه الإخراج ، فلو أخرجها وصلى صحّت قطعا ، وكذا لو اشتغل بالصلاة عن الإخراج مع ضيق الوقت.
ولو كان مع السعة ، خرّج من انّ الأمر بالمضيق يقدّم امتثاله على الموسّع ، وان الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ، وانّ النهي مفسد ، فساد الصلاة. وليس بشيء ، بل الأقرب الصحة على كل حال للإتيان بالعبادة موافقة لأمر الشارع ، ولم يثبت كون ذلك مانعا ، وقضية الأصل تنفيه.
والمقدمات في بعضها منع ، وهي القائلة : إن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ، فإنه ان أريد به الضد العام ـ أعني : الترك المطلق ـ فمسلّم ، ولا يلزم منه النهي عن فعل آخر ، وان أريد به الخاص فممنوع ، والا لزم وجوب المباح ، وتحقيقه في الأصول.
__________________
(١) مسند احمد ٣ : ١١٠ ، صحيح البخاري ١ : ٦٥ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٦ ح ٢٨٤ ، مسند أبي عوانة ١ : ٢١٤.
(٢) سورة التوبة : ٢٨.
(٣) المصنف لعبد الرزاق ١ : ٣٨٨ ح ١٥١٥ ، سنن أبي داود ١ : ١٧٥ ح ٦٥٠.