نفى الشهيد السعيد محمد صادق الصدر أعلى الله مقامه أن تكون «المشاهدة» بمعنى ادّعاء السفارة فقط بل عمّمه إلى كل من ادّعى الرؤية ، فقال :
«حمل التوقيع الشريف على دعوى المشاهدة مع ادّعاء الوكالة أو السفارة عنه عليهالسلام ، وإن استقربه بعض ، إلا أنه في الواقع بعيد جدا ، بمعنى أنه خلاف الظاهر من عبارة الإمام المهديّعليهالسلام في بيانه ، فإنه يحتاج إلى ضم قيد أو لفظ إلى عبارته لم تقم قرينة على وجودها .. كما لو كان قد قال : ألا فمن ادّعى المشاهدة مع الوكالة فهو كذاب مفتر ، إلا أن الإمام المهديعليهالسلام لم يقل ذلك كما هو واضح ، ومقتضاه عموم التكذيب لمن ادعى السفارة وغيره» (١).
والجواب :
(١) يورد عليه ما ذكرناه آنفا ، مضافا إلى أن التوقيع لو كان مقتضاه عموم التكذيب لمن ادّعى السفارة وغيره لكان الأجدر أن يحذف لام الجنس من كلمة «المشاهدة» مضيفا إليها ياء النسبة ، كما لو كان قد قال : «ألا فمن ادعى مشاهدتي» من دون ضم قيد آخر إليها حسبما ذكر قدّس سره.
(٢) مع وجود قرينة مقامية وعرفية في البين لا حاجة لنصب قرينة لفظية للدلالة على المطلوب ، هذا مع أن القرينة قد قامت على نفي السفارة والوكالة كما أفدت آنفا ، فدعوى أن التوقيع بحاجة إلى ضم قيد أو لفظ إلى عبارته لم تقم قرينة على وجودها غير تامة لأن التقييد بالوكالة أو السفارة موجود في نفس لفظ «المشاهدة» والذي كما قلنا يفيد استمرار عملية الاتصال بالإمام المهديّ عليهالسلام.
هذا مضافا إلى أن ما أفاده أعلى الله مقامه آنفا يتعارض مع ما ذكره في موضع آخر من كتابه حيث استظهر هناك «من قوله [ادّعى المشاهدة] بما إذا ادّعى المتكلم رأسا أنه رأى الإمام المهديّ عليهالسلام وتعهد بذلك للسامع ، فهو المنفي بلسان التوقيع ، وأما إذا لم يخبر بذلك صراحة وإنما أو كل الجزم بذلك إلى وجدان
__________________
(١) الغيبة الصغرى / السيّد محمد صادق الصدر ص ٦٤٤.