الأخبار يصل عددها إلى المئات ، وبعضها مروي بطرق معتبرة وقريبة الإسناد فلا يمكن رفضها بحال ، وهذا كلّه واضح لمن استقرأ تلك الأخبار وعاش أجواءها.
ودعوى حمل هذه الأخبار على الوهم ، وأن هؤلاء الذين زعموا أنهم رأوا وسمعوا .. لم يرووا ولم يسمعوا ، وإنما كان كلامهم كذبا متعمّدا أو أضغاث أحلام وما شابه ذلك ، مردودة من أساسها لأن كثرتها مانعة عن كلا الأمرين : الكذب والوهم ، أمّا تعمد الكذب فهو منفي بالتواتر ، فضلا عما زاد عن ذلك بكثير ، مضافا إلى وثاقة وتقوى عدد مهم من الناقلين وعدم احتمال تعمدهم للكذب أساسا ، هذا مضافا إلى أن أخبار هؤلاء الثقات الناقلين موردا لقيام السيرة على الأخذ بأخبار الثقة ، وكونهم مشمولين لإطلاق الأدلة اللفظية الدالة على حجية أخبار الثقات.
وأمّا كونها من قبيل الأوهام والأحلام ، فهو مما ينفيه تكاثر النقل أيضا ، بل يجعل الاعتراف به في عداد المستحيل ، ويمكن أن تجد أثر ذلك في نفسك ، فيما لو أخبرك واحد بحادثة ما لكان احتمال الوهم موجودا وإن كان موهونا ، إلّا أنه لو أخبرك ثلاثة أو أربعة عن تلك الحادثة لحصل لك الاطمئنان أو العلم بصدق الخبر وحصول الحادثة ، فضلا عما إذا أخبرك بها عشرة ، فكيف إذا أخبرك بها مئات ، وهل تستطيع أن تحملهم كلهم على الوهم أو على أضغاث أحلام ، إلا إذا كنت تعيش الوهم أو الأضغاث؟
فإن قيل : إن الناقلين للمشاهدة وإن كانوا صادقين في إخباراتهم ، إلّا أنهم في الحقيقة لم يشاهدوا الإمام المهديّ عليهالسلام بل شاهدوا غيره ، وتوهّموا أنه على غير الواقع.
قلنا : هذا غير صحيح وذلك لأمرين :
الأول : أنه مما ينفيه التواتر ، فضلا عما زاد عليه من أعداد الروايات والنقول بحيث يحصل القطع من مجموعها بأن الناقلين على كثرتهم لم يكونوا مغفلين إلى