وكلمة «لو لا» تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره ، فدل على أن ذلك الركون القليل لم يحصل وقراءته عليهالسلام ـ كما يزعمون ـ وفرح المشركين بذلك يعدّ ركونا إليهم وهو منهي عنه ، فيقبح صدوره من النبي لأنه يخل بفائدة البعثة.
الثاني : كيف يعظّم الرسول الأوثان ، وقد كفّر الله تعالى من عظّمها ، هذا مع أن الضرورة قاضية إن أعظم سعيه كان في نفي الأوثان ، فلو صدر منه ما إليه نسبوه لأغرى الناس بالقبيح وهو بحكم العقل يعتبر قبيحا يتنزه عنه النبيّ ، مع التأكيد على أن صدور مثل ذلك يخل بفائدة بعثته لا يصح صدوره منه.
الثالث : إن هذه الأسطورة تقوم أساسا على أن النبيّ قد تعب من أداء مهمّته التي ألقاها الله سبحانه عليه ، وقد شقّ عليه ابتعاد الوثنيين عنه ، فكان يبحث عن مخلص من هذا الوضع المتعب ، يكون طريقا ـ حسب تصوره ـ إلى إصلاح وضعهم!!
ولكنّ العقل يقضي بأن على الأنبياء أن يكونوا صابرين حلماء أكثر مما يتصور ، وأن يكونوا مضرب المثل عند الجميع في ذلك ، فلا يحدّثوا أنفسهم بالتهرب من المسئولية مهما اشتدت الظروف ، وتأزمت الأحوال والأمور.
بينما لو صحت هذه الأسطورة لقضت على حكم العقل السليم في حق الأنبياء وأن عليهم الصبر والثبات والاستقامة ، مضافا إلى أن ذلك لا يتفق مع ما عهدناه من رسول الله من الصدق بالقول والأمانة في النقل والدقة في الكلام.
الرابع : إن الآيات التي وقعت بعد الجملتين المضافتين ، شاهد صدق على كذب الرواية ، وذلك لأن قوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) (١).
هذه الآية الشريفة تندد بالمشركين لاعتقادهم بالأوثان ، بل وتعنّف بآلهة
__________________
(١) سورة النجم : ٢٢ ـ ٢٣.