وإذا كان ذلك من الشرائط ، فلا بدّ من توفر أسبابه في زمن ما قبل الظهور في عصر الغيبة الكبرى ، والمحافظة على هذه الأسباب.
وأن السبب الرئيسي الكبير لتولد الوعي والشعور بالمسئولية الإسلامية والإقدام على التضحية لدى الأمة ، هو مرورها بعدد مهم من التجارب القاسية والظروف الصعبة ، وإحساسها بالظلم والتعسف ردحا كبيرا من الزمن ، حتى تستطيع أن تفهم نفسها وأن تشخّص واقعها وتشعر بمسئوليتها ، فإن هذه الصعوبات كالمبرد الذي يجلو الذهب ويجعل السكّين نافذا ، فإن الأمة ـ في مثل ذلك ـ لا تخلد إلى الهدوء والسكون ، بل تضطر إلى التفكير بأمرها وبلورة فكرتها وتشخيص آلامها وآمالها وتشعر بنحو وجداني عميق بسهولة التضحية في سبيل الأهداف الكبيرة ووجوبها إذا لزم الأمر ونادى منادي الجهاد.
وتلك الأمة الواعية هي التي تستطيع أن تضرب قدما بين يدي الإمام المهديّ عليهالسلام وأن تؤسس العدل المنتظر في اليوم الموعود ، دون الأمة المنحرفة المتداعية ، أو الأمة المنعزلة المتحنثة.
فإذا كان مرور الأمة بظروف الظلم والتعسف ضروريا لتحقيق شرط اليوم الموعود ، ومثل هذا الشرط يجب رعايته والمحافظة عليه ، فالإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف بالرغم من أنه يحس بالأسى لمرور شعبه وقواعده الموالية بمثل هذه الظروف القاسية ، إلّا أنه لا يتصدى لإزالتها ولا يعمل على تغييرها ، تقديما لمصلحة اليوم الموعود على أهل هذا اليوم الموجود.
وأما ما لا يكون من الظلم دخيلا في تحقيق ذلك الشرط ، وكان الشرط الأول لعمل الإمام المهديّ عليهالسلام متوفرا فيه أيضا ، فإن الإمام ـ فديته بنفسي ـ يتدخل لإزالته ويعمل على رفعه ، بموجب تكليفه الشرعي المتوجه إليه.
ونحن الذين لا نعيش نظر الإمام المهديّ عليهالسلام وأهدافه نكاد نكون في جهل مطبق من حيث تشخيص أن هذا الظلم هل له دخل في تحقيق شرط الظهور أو لا ،