وقال في موضع آخر : [فإن الساعة آتية لا ريب فيها قريبة مقبلة بما فيها وأن لإتيانها أعلاما ولقيامها أشراطا ، ألا وإن من أعلامها الصريحة وأشراطها الثابتة الصحيحة ظهور الخليفة الأكبر والإمام العادل الأشهر الذي يحيي الله به ما درس من آثار السنّة النبوية واندثر ويميت به ما شاع من ضلالات أهل البدع وذاع وانتشر ويملأ الأرض عدلا كما ملئت بظلم من جار وفجر ويحثو المال حثيا ولا يعدّه عدّا لكلّ من صلح وبر إمام العترة الطاهرة المصطفوية محمّد بن عبد الله المنتظر ، فقد تواترت بكون ظهوره من أعلام الساعة وأشراطها الأخبار وصحّت عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك الآثار وشاع ذكره وانتشر خبره من الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الدهر والأعصار ، فالإيمان بخروجه واجب واعتقاد ظهوره تصديقا لخبر الرسول محتم لازب كما هو مدوّن في عقائد أهل السنّة والجماعة من سائر المذاهب ومقرّر في دفاتر علماء الأمة على اختلاف طبقاتها والمراتب.
ففي «التذكرة» للإمام القرطبي و «فتح الباري» لأمير الحفّاظ العسقلاني نقلا عن الحافظ أبي الحسين الآبري أنه قال ردّا لحديث ابن ماجة الموضوع الآتي فيه أنه «لا مهدي إلا عيسى» ما نصّه : «قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم في المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتل الدّجال ، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى خلفه في طول من قصته وأمره ..». وممن نصّ على تواتر أحاديث المهدي أيضا الحافظ شمس الدين السخاوي في «فتح المغيث» والحافظ جلال الدين السيوطي في «الفوائد المتكاثرة في الأحاديث المتواترة» واختصاره «الأزهار المتناثرة» وغيرهما من كتبه ، والعلّامة ابن حجر الهيثمي في «الصواعق المحرقة» وغيره من مصنّفاته ، والمحدّث الزرقاني في شرحه ل «المواهب اللدنّية» وجمّ غفير من الحفاظ النقّاد والمحدّثين المتقنين لفنون الأثر. وذكر القنوجي في «الإذاعة لما كان وما يكون بين يديّ الساعة» أنّ القاضي أبا عبد الله محمّد بن عليّ الشوكاني ألّف في إثبات تواتر أخباره كتابا أسماه : «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر