الدعاء ، مضافا إلى أن الشيعة «سدّدهم المولى» حينما يزورون السرداب يتوسلون برسول الله وعترته الطاهرة ومنهم الإمام الثاني عشر المهديّ روحي فداه ليقضوا حوائجهم ، ومعلوم أن التوسل بالأولياء أمر مشروع عقلا ونقلا وجميع المسلمين يقرون بذلك سوى ابن تيمية والحنابلة ، فما الضير إذن أن يتوسل الشيعة بإمام زمانهم المهديّ عليهالسلام وقد قضى حوائج الكثيرين ممن توسّل به.
(٢) إن الإمامة عند الشيعة الإمامية كالنبوّة لا تحصلان باختيار الناس ، وإنما هما منصبان إلهيان ، أمر تفويضهما إلى الله تعالى واختياره لمن يكن أهلا لهما ، ولهذا لا يستبعد أن يقع اختياره عزوجل على من كان في المهد صبيّا كعيسى عليهالسلام حيث جعله الله تعالى نبيا وقد كلّم قومه وعمره ساعات بقوله تعالى : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (١) كما لا يستبعد أن يقع اختياره أيضا على يحيى بن زكريا حال كونه صغيرا حيث قال عنه : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (٢) ، وعليه فما المانع أن يقع اختيارهعزوجل على الإمام المهديّ فيجعله إماما في سنّ الرابعة أو الخامسة من عمره؟ وهل في ذلك استحالة عقلية تستلزم أن يستنكر علينا ويستهزأ بنا ابن حجر وأمثاله؟! لقد احتج الله تعالى على المنكرين ، فأبدع حيث وهب في وقتنا الحاضر الطفل الافريقي «شريفو» (٣) معارف القرآن الكريم وهو بعد لم يتجاوز الخامسة من عمره ، كما أنه سبحانه أفاض على الطفل الإيراني النابغة السيّد محمّد حسين الطباطبائي من مواليد قم المقدّسة حيث رزق حفظ القرآن وفهم معانيه وأسراره ولم يتجاوز الرابعة من عمره ، ويجلس تحت منبره العلماء والمفكرون ، وقد نال درجة الدكتوراه بامتياز من إحدى جامعات بريطانيا ، كما أن المطّلعين لم يخف عليهم أمر الطفل الياباني الذي لم يتجاوز سن السابعة من عمره ، عند ما قطع المرحلة
__________________
(١) سورة مريم : ٢٩ ـ ٣٠.
(٢) سورة مريم : ١٢.
(٣) جاء ذلك في مجلة «المجلة» عدد (١٠٠٧) الصادرة عن الشركة السعودية للأبحاث.