الذي استحدث المهرجان ، عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة.
فلو لم يكن من جملة المعمّرين إلّا من التنازع في طول عمره مرتفع ، وهو سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، وأكثر أهل العلم يقولون بأنه رأى المسيح ، وأدرك النبي صلوات الله عليه وآله ، وعاش بعده ، وكانت وفاته في وسط أيام عمر بن الخطاب ، وهو يومئذ القاضي بين المسلمين في المدائن ، ويقال : إنه كان عاملها وجابي خراجها ، وهذا أصح (١).
وزبدة المخض : أن القول بطول عمر الإمام الحجّة المنتظر عليهالسلام واقع تحت قدرة الله تعالى ، وليس الإمام عليهالسلام الوحيد من بين مخلوقات الله ممن خصّه الله بذلك ، ولا يعتبر القول بطول العمر من الموبقات حتى يعيّر به الشيعة أو ينسب قائله إلى الهذيان والجنون (٢) ، وعليه فإن كل من دان بما تدين به الشيعة فهو مجنون على حدّ تعبير السفاريني الحنبلي ، وفي مقابل هذا الضال المضلّ ، نطق الحقّ على لسان العلّامة محمّد بن طلحة النصيبي الشافعي إذ قال :
«وأما عمره فإنه ولد في أيام المعتمد على الله ، خاف فاختفى وإلى الآن فلم يمكن ذكر ذلك إذ من غاب وإن انقطع خبره لا يمكن الحكم بمقدار عمره ولا بانقضاء حياته وقدرة الله واسعة وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامة ، ولو رام عظماء العلماء أن يدركوا حقائق مقدوراته وكنه قدرته لم يجدوا إلى ذلك سبيلا ... وليس ببدع ولا مستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين ولا امتداد عمره إلى حين فقده مدّ الله تعالى أعمار جمع كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه ومن مطروديه وأعدائه ، فمن الأصفياء عيسى عليهالسلام ، ومنهم الخضر ، وخلق آخرون من الأنبياء طالت أعمارهم حتى جاز كلّ واحد منهم ألف سنة أو قاربها كنوح عليهالسلام وغيره ، وأما من الأعداء المطرودين فإبليس والدّجال ، ومن غيرهم كعاد الأولى كان فيهم
__________________
(١) المسائل العشرة / الشيخ المفيد ص ١٠٣ والغيبة / الشيخ الطوسي ص ٢٧٩ ، تقريب المعارف ص ٢٠٧.
(٢) لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية للسفاريني الحنبلي ج ٢ / باب المهدي اسمه ونسبه.