أراك على حالة ما رأيتك عليها قبل اليوم؟! فقال : يا بنيّ ، الرجل على مظلمة إذا حلّلتني منها رجوت أن أفيق ، فقال محمّد : يا ابه ، من هو؟
قال : عليّ بن أبي طالب ، قال محمّد : أنا أضمن لك أن أكلّم عليّا في ذلك وأستحل لك فإنه رجل سليم.
فجاء محمّد إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : إن أبي على أسوأ حال وهو قال كذا وكذا وقد ضمنت له أن أستحلّه منك ، فإن رأيت أن تجعله في حلّ منك؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : كرامة لك ، ولكن قل لأبيك ليصعد المنبر ويخبر الناس بذلك حتى أجعله في حلّ ، فرجع محمّد وقال : قد استجاب الله دعائك وذكر له كلام أمير المؤمنينعليهالسلام فقال أبو بكر : ما أحبّ أن لا يصلّي عليّ بعدي اثنان (١).
ويؤيد هذا ما أورده الغزالي في أوائل كتابه سرّ العالمين قال : دخل محمّد بن أبي بكر على أبيه في مرض موته فقال : يا بني ، ائت بعمّك عمر لأوصي له بالخلافة ، فقال : يا أبت ، كنت على حق أو باطل؟ فقال : على حق ، فقال : وصّ بها لأولادك إن كان حقا ، وإلّا فمكّنها لسواك ، ثم خرج إلى عليّ وجرى ما جرى (٢).
وعليه ، فإن رواية تكلّم محمّد بن أبي بكر مع أبيه عند موته التي رواها سليم مؤيدة برواية الطبري والغزالي وابن الجوزي وغيرهم ، وإن كنّا نرجّح (عند التعارض) رواية سليم ، لأن الترجيح دائما يكون لرواياتنا على ما رواه غيرنا بعد تمامية الوثوق في كل هذه الروايات ، هذا مضافا إلى موافقة الشيخ المفيد في الأمالي ، والكافية في إبطال توبة الخاطئة للمفيد أيضا ، والشيخ البحراني في مدينة المعاجز لما رواه سليم.
__________________
(١) نفس المصدر السابق.
(٢) نفس المصدر ، وتذكرة الخواص ص ٦٢.