إن الكثيرين منهم وقفوا بجانب عمر ويقولون مقالته.
هذا مضافا إلى أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرهم بالالتحاق بجيش أسامة فخالفوا أمره وقد لعن من تخلّف عن جيش أسامة ، فلم يصغوا بل عتوا واستكبروا استكبارا فهل كل هذا كان علامة محبة لرسول الله بنظر صاحب الدعوى؟
ثانيا :
إذا كان المسلمون ـ وفي طليعتهم أبي بكر وعمر ـ يحبونها ، فلما ذا أوصت الصدّيقة عليهاالسلام بأن لا يحضر أحد ممن ظلمها جنازتها؟! ولم يصلّ عليها إلّا الخواص من أصحاب أمير المؤمنين مما يدل على أن الكلّ وقفوا ضدها ، وعلى فرض أنهم يحبونها فلما ذا حرمتهم من هذا الأجر ، وحجزتهم عن نيل هذا الشرف؟!
ثالثا :
لو كان المسلمون يحبونها عليهاالسلام فلما ذا تركوها تتعرض للأذى والظلم ، ولما ذا تركوا زوجها أمير المؤمنين معرّضا لسهام ظلمهم؟! ولما ذا احتاج أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام إلى أن يدور بها على بيوت المهاجرين والأنصار لطلب نصرتهم ، فلم يلبّ من الأربعين إلّا أربعة أو خمسة؟!
رابعا :
إن دعوى إقدام القوم على الاعتداء عليها خوفا من الرأي العام الإسلامي مزحة لا يكاد يصدّقها عاقل ، إذ كيف يخافون من الرأي العام وهو تحت إمرتهم ، يقول ما يقولون ، بل عباد مكرمون يفعلون ما يؤمرون ، حيث إن الأغلبية يوم ذاك كانوا أصحاب مطامع ، من هنا كشف الله سبحانه عن واقعهم بقوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١).
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٤٤.