واتصل الخبر بأمير المؤمنين عليهالسلام بعد فراغه من غسل رسول الله وتحنيطه وتكفينه وتجهيزه ودفنه بعد الصلاة عليه مع من حضر من بني هاشم ، وقوم من صحابته مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمّار وحذيفة وأبي بن كعب وجماعة نحو أربعين رجلا ، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق قريش بها ، وإن لم تكن في قريش فالأنصار على دعواهم ، ثم اعتزلهم ودخل بيته ، فأقام فيه ومن اتبعه من المسلمين وقال : إن لي في خمسة من النبيّين أسوة ، نوح إذ قال : إني مغلوب فانتصر ، وابراهيم إذ قال : واعتزلكم وما تدعون من دون الله ، ولوطا إذ قال : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ، وموسى إذ قال : ففررت منكم لمّا خفتكم ، وهارون إذ قال : إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني. ثم ألّف عليهالسلام القرآن وخرج إلى الناس ، وقد حمله في إزار معه .. فقال لهم : هذا كتاب الله قد ألّفته كما أمرني وأوصاني رسول الله كما أنزل ، فقال له بعضهم : اتركه وامض ، فقال لهم : إن رسول الله قال لكم : إني مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فإن قبلتموه فاقبلوني معه أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله ، فقالوا ؛ لا حاجة لنا فيه ولا فيك ، فانصرف به معك ، لا تفارقه ولا يفارقك ، فانصرف عنهم فأقام أمير المؤمنين عليهالسلام ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه ، وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كرها ، وضغطوا سيّدة النساء بالباب حتى أسقطت محسنا ، وأخذوه بالبيعة فامتنع ، وقال : لا أفعل ، فقالوا : نقتلك ، فقال : إن تقتلوني فإني عبد الله وأخو رسوله ، وبسطوا يده فقبضها ، وعسر عليهم فتحها ، فمسحوا عليها وهي مضمومة ...» (١).
(٣) وقال أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي (٢٥٨ ـ ٣٣٤ ه):
«ثم تبتدئ فاطمة عليهاالسلام بشكوى ما نالها من أبي بكر وعمر من أخذ فدك
__________________
(١) إثبات الوصية ص ١٥٤ ط / دار الأضواء.