انطلقا إليهما ـ يعني عليّا والزبير ـ فأتياني بهما ، فانطلقا ، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج ، فقال عمر للزبير ، ما هذا السيف؟ قال : أعددته لأبايع عليّا ، قال : وكان في البيت ناس كثير ، منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين ، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ، ثم أخذ بيد الزبير ، فأقامه ثم دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد ، دونك هذا ، فأمسكه خالد ، وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس ، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما ، ثم دخل عمر ، فقال لعليّ : قم فبايع ، فتلكّأ واحتبس فأخذ بيده ، وقال : قم ، فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير ، ثم أمسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا ، واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهنّ ، فخرجت إلى باب حجرتها ، ونادت : يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله! والله لا أكلّم عمر حتى ألقى الله ..» (١).
وهكذا مضى القوم في تعنّتهم وظلمهم من أجل أخذ البيعة لأبي بكر ، وها هو البراء بن عازب يصف شناعة القوم يوم السقيفة فيقول :
لم أزل لبني هاشم محبّا ، فلمّا قبض رسول الله خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم ، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول ، مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله فكنت أتردّد على بني هاشم وهم عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحجرة ، وأتفقّد وجوه قريش ، فإني كذلك ، إذ فقدت أبا بكر وعمر ، وإذا قائل يقول : القوم في سقيفة بني ساعدة ، وإذا قائل آخر يقول : قد بويع أبو بكر ، فلم البث ، وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالأزر الصنعانيّة لا يمرّون بأحد إلّا خبطوه ، وقدّموه فمدّوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه ، شاء ذلك أو أبى ، فأنكرت عقلي ، وخرجت أشتدّ حتى انتهيت إلى بني هاشم ، والباب مغلق ، فضربت عليهم الباب
__________________
(١) نفس المصدر ج ٦ / ٢٠٦.