وقال : ثلاث لا يمنعن : الماء والكلأ والنار.
وقال : لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ. وفي لفظ : لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلا.
وقد كان في الجاهلية يحمي الشريف منهم ما يروقه من قطع الأرض لمواشيه وإبله خاصة فلا يشاركه فيه أحد وإن شاركهم هو في مراتعهم ، وكان هذا من مظاهر التجبر السائد عندئذ ، فاكتسح رسول الله ذلك فيما اكتسحه من عادات الطواغيت وتقاليد الجبابرة فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا حمى إلّا لله ولرسوله (١).
وقال الشافعي في تفسر الحديث : كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلدا في عشيرته ، استعوى كلبا فحمى لخاصته مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره فلم يرعه معه أحد ، وكان شريك القوم في سائر المراتع حوله ، قال : فنهى النبيّ أن يحمى على الناس حمى كما كانوا في الجاهلية يفعلون. قال : وقوله : إلا لله ولرسوله : أي إلّا ما يحمى لخيل المسلمين وركابهم التي ترصد للجهاد ويحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة كما حمى عمر النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدّة في سبيل الله» (٢).
كان هذا الناموس متسالما عليه بين المسلمين حتى تقلّد عثمان الخلافة فحمى لنفسه دون إبل الصدقة ، ولبني أمية. قال ابن أبي الحديد : حمى عثمان الرعى حول المدينة كلّها من مواشي المسلمين كلهم إلّا عن بني أمية (٣).
وقال الواقدي : كان عثمان يحمي الربذة والشرف والنقيع ، فكان لا يدخل الحمى بعير له ولا فرس ولا لبني أميّة حتى كان آخر الزمان ، فكان يحمي الشرف لإبله ، وكانت ألف بعير ، ولإبل الحكم بن أبي العاص ، ويحمي الربذة لإبل
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٣ / ١١٣ والأموال لأبي عبيد ص ٢٩٤.
(٢) كتاب الأم للشافعي ج ٣ / ٢٠٨ ، معجم البلدان ج ٣ / ٣٤٧ ، نهاية ابن الأثير ج ١ / ٢٩٧.
(٣) شرح النهج ج ١ / ٦٧.