أراد أن يصلّي على عبد الله بن أبي سلول (١) أو عند ما اعترض على النبيّ لمّا عقد الصلح مع المشركين؟!
ولما ذا خاف وهو على فراش الموت من العذاب ، روى البخاري عن المسور بن مخرمة قال : «لما طعن عمر جعل يألم ، فقال له ابن عبّاس ـ وكأنه يجزّعه ـ يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك ، لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك راض ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك راض ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ، ولئن فارقتهم لتفارقنّهم وهم عنك راضون ، قال : أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه فإنما ذاك منّ من الله تعالى منّ به عليّ ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك منّ من الله جلّ ذكره منّ به عليّ ، وأمّا ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك ، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عزوجل قبل أن أراه» (٢).
ليت شعري إذا كان عمر بهذا المستوى من رضا رسول الله عليه فلم الجزع حينئذ؟! وهل يجزع من كان النبيّ ناصره ومعينه والمسدّد له؟!
وهل يجزع عمر على صحابة النبيّ وعلى ابن عبّاس الذين أخبر عنهم الرسول أنهم سيرتدون على أدبارهم القهقرى ويضرب بعضهم رقاب بعض ويلعن بعضهم بعضا؟!
وهل أن الجزع على أمة رسول الله محمّد تستلزم ـ بنظر عمر ـ أن لو قدر
__________________
(١) تروي القصة أن عبد الله بن عبد الله بن أبي سلول جاء النبيّ يسأله أن يعطيه قميصه ليكفن فيه أباه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلّي عليه ، فقام رسول الله ليصلّي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله ، وقال : يا رسول الله أتصلّي عليه وقد نهاك الله أن تصلّي عليه؟ فقال النبيّ : إنما خيرني الله فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) وسأزيد على السبعين ، قال : إنه منافق. صحيح مسلم ج ١٥ / ١٣٦ حديث رقم ٢٤٠٠.
(٢) صحيح البخاري ج ٤ / ٥٦٩ حديث رقم ٣٦٩٢.