على أن الحق لا يعدم أنصارا ، وأن الصحابة إذا كان فيهم مثل أبي هريرة ممن يستطيع معاوية أن يستحوذ عليه ، فإن فيهم من لا يستهويه وعد ، ولا يرهبه وعيد ، فقد روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أنّ أبا هريرة ، لمّا قدم الكوفة مع معاوية ، كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه ، فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه ، فقال: يا أبا هريرة أنشدك الله ، أسمعت رسول الله يقول لعليّ بن أبي طالب : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقال : اللهم نعم ، فقال : أشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه ، ثم قام عنه بعد أن لطمه هذه اللطمة الأليمة.
وروى مسلم :
أن معاوية بن أبي سفيان قال لسعد بن أبي وقاص : ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال : أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله؟ فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم! سمعت رسول الله يقول له لمّا خلفه في بعض مغازيه : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلّا أنه لا نبوة بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر : «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله» فتطاولنا لها فقال : ادعوا عليّا ، فأتى به أرمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ، ولمّا نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومن فضائل أمير المؤمنين عليّ أن النبيّ قال له : أنت مني وأنا منك ، وقال له : من كنت مولاه فعلي مولاه. وقال أحمد بن حنبل ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن عليّ ، وقال هو والنسائي والنيسابوري وغيرهم : لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء فيه.
وأخرج مسلم عن الإمام عليّ : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد إليّ