نعرف معنى اللفظ الوارد فيه مثل قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (١) (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٢) (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٣) ولسنا بمكلّفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها» (٤).
والأغرب من ذلك سكوت الشهرستاني عمّن شبّه الخالق بالمخلوق ، كمالك بن أنس ، وهجومه على بعض الغلاة من الشيعة الواقفية لا الإمامية ، وليس معنى ذلك إلّا لإظهاره النصب والعداوة على بعض المنتسبين إلى التشيع لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.
قال : «إن جماعة من السلف ممن لم يتعرّض للتأويل ولم يهدف التشبيه ، أمثال مالك بن أنس إمام المالكية إذ قال : الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، ومثله أحمد بن حنبل وسفيان الثوري ..» (٥).
ليت شعري ، كيف جمع أنس بين الأضداد ، إذ يعلم من عبارته «الاستواء معلوم» إنه يقول بتجسيم الباري عزوجل ، فكيف يمكن تبرئة ساحته بالقول أنه لم يهدف التشبيه وهو يقول به صراحة؟
إضافة إلى أنه لم يغمز ـ أي الشهرستاني ـ أحمد بن حنبل بمغمز ولا أشار إليه بكلمة سوء ، مع اعترافه أنه ممن يعتقد بالتجسيم ، في حين صبّ جام غضبه على بعض غلاة الشيعة ، مع أنهم يشتركون مع مالك وأحمد وسفيان بالتجسيم!!
وبالجملة فإن مسألة التجسيم من المسائل المتسالم عليها عند الأشاعرة (٦) ،
__________________
(١) سورة طه : ٥.
(٢) سورة ص : ٧٥.
(٣) سورة الفجر : ٢٢.
(٤) الملل والنحل ج ١ / ٩٢.
(٥) الملل والنحل ج ١ / ٩٣.
(٦) الأشاعرة : هم عامة الفرق السنّية ، يرجعون إلى أبي الحسن الأشعري في الأصول والاعتقادات.