ظواهر يفهمها العارف باللغة العربية وأساليبها ، ويتعبّد بما يظهر له بعد الفحص عن القرائن.
الوجه الرابع : العلم بإرادة خلاف الظاهر.
حيث إننا نعلم ـ إجمالا ـ بورود مخصّصات لعمومات القرآن ، ومقيّدات لإطلاقاته ، ونعلم بأن بعض ظواهر الكتاب غير مراد قطعا ، وهذه العمومات المخصّصة ، والمطلقات المقيّدة والظواهر غير المرادة ليست معلومة بعينها ، ليتوقف فيها بخصوصها ، ونتيجة هذا أن جميع ظواهر الكتاب وعموماته ومطلقاته تكون مجملة بالعرض ، وإن لم تكن مجملة بالأصالة ، فلا يجوز أن يعمل بها حذرا من الوقوع في مخالفة الواقع.
والجواب :
إن هذا العلم الإجمالي إنما يكون سببا للمنع عن الأخذ بالظواهر ، إذا أريد العمل بها قبل الفحص عن المراد ، وأما بعد الفحص والحصول على المقدار الذي علم المكلّف بوجوده إجمالا بين الظواهر ، فلا محالة ينحل العلم الإجمالي ، ويسقط عن التأثير ، ويبقى العمل بالظواهر بلا مانع ، ونظير هذا يجري في السنّة الشريفة أيضا ، فإنّا نعلم بورود مخصصات لعموماتها ، ومقيدات لمطلقاتها ، فلو كان العلم الإجمالي مانعا عن التمسك بالظواهر حتى بعد انحلاله لكان مانعا عن العمل بظواهر السنّة أيضا ، بل ولكان مانعا عن إجراء أصالة البراءة في الشبهات الحكمية ، الوجوبية منها والتحريمية ، فإن كل مكلّف يعلم بوجود تكاليف إلزامية في الشريعة المقدّسة ، ولازم هذا العلم الإجمالي وجوب الاحتياط عليه في كل شبهة تحريمية ، أو وجوبية يقع فيها مع أن الاحتياط ليس بواجب فيها يقينا.
النقطة الثانية : المحكم والمتشابه في القرآن.
لا يخفى أن في القرآن الكريم متشابها ومحكما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي