ثم قال ـ رحمهالله ـ : وبعد هذا فالذي يظهر لي انّ القول بالندبية وجه.
أقول ـ وبالله التوفيق ـ : هذه المسألة من مهمات الصلاة ، وقد طال عبارة الكلام فيها ، ولزم منه أمور ستة.
أحدها : القول بندبية التسليم بمعنييه ، كما هو مذهب أكثر القدماء.
وينافيه تواتر النقل عن النبي وأهل بيته بقولهم ( السلام عليكم ) من غير بيان ندبيته ، مع انه امتثال للأمر بالواجب ، وقد روى الشيخ بإسناده الى أبي بصير ـ بطريق موثق ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول في رجل صلّى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل ان يستشهد رعف ، قال : « فليخرج فليغسل انفه ثم ليرجع فليتم صلاته ، فان آخر الصلاة التسليم » (١). ومثله كثير ، وحمله الشيخ على الأفضل (٢) ، حتى انّ قول سلف الأمة ( السلام عليكم ) عقيب الصلاة داخل في ضروريات الدين ، وانما الشأن في الندبية أو الوجوب.
الثاني : وجوبه بمعنييه ، اما ( السلام عليكم ) فلإجماع الأمة ، واما الصيغة الأخرى فلما مرّ من الأخبار التي لم ينكرها أحد من الإمامية مع كثرتها ، لكنه لم يقل به أحد فيما علمته.
الثالث : وجوب ( السلام علينا ) عينا ، وقد تقدم القائل به (٣) وفيه خروج عن الإجماع من حيث لا يشعر قائله.
الرابع : وجوب ( السلام عليكم ) عينا ، لإجماع الأمة على فعله. وينافيه ما دل على انقطاع الصلاة بالصيغة الأخرى مما لا سبيل الى ردّه ، فكيف يجب بعد الخروج من الصلاة!
الخامس : وجوب الصيغتين تخييرا ، جمعا بين ما دلّ عليه إجماع الأمة واخبار الإمامية ، وهو قوي متين الاّ انه لا قائل به من القدماء ، وكيف يخفى
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٢٠ ح ١٣٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٤٥ ح ١٣٠٢.
(٢) راجع الهامش السابق.
(٣) تقدم في ص ٤٢٢ الهامش ٢.