ورابعها : الدبور ، وهي من مغرب الشمس الى سهيل ، وهي مقابلة للصبا ، وتكون على صفحة وجه المصلي اليمني.
وهذه العلامات يتقارب فيها أهل العراق والشام ، لاتساع زوايا الرياح.
وأما الكواكب فأوثق من الرياح ، قال تعالى ( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١). فأقواها القطب الشمالي ، وهو نقطة مخصوصة يدور عليها الفلك ، وأقرب الكواكب إليها نجم خفي في بنات نعش الصغرى حوله أنجم دائرة ، في أحد طرفيها الفرقدان وفي الآخر الجدي ، وبين ذلك أنجم صغار ثلاثة من فوق وثلاثة من أسفل ، تدور حول القطب في كل يوم وليلة دورة واحدة ، فيكون الجدي عند طلوع الشمس مكان الفرقدين عند غروبها.
وذلك النجم الخفي لا يكاد يراه الا حديد النظر ، وهو لا يتغير عن مكانه الا يسيرا لا يتبين للحس ، إذا استدبر في الأرض الشامية حصل الاستقبال ، وينحرف في مشارق الشام ـ كدمشق وما قاربها ـ الى اليسار قليلا ، وكلما قرب الى المغرب كان انحرافه أكثر ، وفي حران وما يواليها يكون القطب خلف ظهره معتدلا من غير انحراف ، ويجعله العراقي بحذاء ظهر اذنه اليمنى على علوها فيكون مستقبلا باب الكعبة.
ويخلف القطب الجدي ـ مكبرا ، وأهل الهيئة يصغرونه ليتميز عن البرج ـ فيجعله العراقي إذا كان في موازاة القطب خلف منكبه الأيمن والشامي خلف الكتف اليسرى واليمني يجعله بين العينين ، والمغربي على الخدّ الأيسر.
وتعلم استقامة الجدي إذا كان الى الأرض ، والفرقدان الى السماء ، وبالعكس. اما إذا كان أحدهما في المشرق ، أو فيما بين المشرق والمغرب ، فالاعتبار بالقطب.
والقطب ـ كما مر ـ في أنجم دائرة حوله على هيئة السمكة ، الجدي
__________________
(١) سورة النحل : ١٦.