في تفسير سورة الزلزال
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها * وَقالَ الْإِنْسانُ ما
لَها * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (١) و (٤)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة البيّنة بذكر القيامة وبيان أحوال الكفّار والمؤمنين فيها ، نظمت بعدها سورة الزلزال المتضمّنة لبيان بعض أهوال القيامة وبعث الناس ، فافتتحها سبحانه بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع سبحانه في بيان أهوال القيامة بقوله : ﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ وحركت ﴿زِلْزالَها﴾ وحركة شديدة متكرّرة لائقة بها في الحكمة الالهية ، أو الحركة الممكنة المتصوّرة لها ، أو الموعودة المكتوبة عليها ﴿وَ﴾ بتلك الحركة ﴿أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ﴾ من بطنها ﴿أَثْقالَها﴾ وأحمالها من الكنوز والموتى.
قيل : بزلزلة النفخة الاولى تخرج دفائنها ، وبزلزلة النفخة الثانية تخرج الأموات (١) .
في الخبر العامي : تقيء الأرض أغلاذ كبدها أمثال الاسطوانة من الذهب ، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت ، ويجيء القاطع رحمه فيقول : في هذا قطعت رحمي ، ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدى ، ثمّ يدعونه فلا يأخذون منه شيئا (٢) .
قيل : يمتلئ ظهر الأرض ذهبا ، ولا أحد يلتفت إليه ، كأنّ الذهب يصيح ويقول : أما كنت تخرب دينك ودنياك لأجلي (٣) .
﴿وَقالَ الْإِنْسانُ﴾ بعد بعثه من القبر وغاية هشته وتعجّبه ممّا رأى من تزلزل الأرض : ﴿ما لَها﴾ وأي حالة عرضها بزلزلتها هذه الزلزلة الشديدة التي تخرج ما في بطنها. قيل : هذا قول الكافر والمؤمن تعجّبا ممّا يرون من العجائب التي لم تسمع بها الآذان (٤) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ٥٩ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٢.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٢.
(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٥٨.
(٤) تفسير الرازي ٣٢ : ٥٩.