في تفسير سورة الطور
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالطُّورِ * وَكِتابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ
الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (١) و (٦)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة والذاريات المبتدئة بأربعة أيمان على أنّ وعد الله بالعذاب والحشر صادق ، وبيان كون يوم القيامة يوم يفتنون على النار ، المتضمّنة بسوء عاقبة الكفار ، وحسن عاقبة المتّقين ، المختتمة بذكر الويل للكافرين ، اردفت بسورة الطور المبتدئة بخمسة أيمان على أنّ العذاب في القيامة واقع لا محالة ، وبيان كون القيامة فيه أهوال عظيمة ، وذكر الويل للمكذّبين بيوم الدين ، إلى غير ذلك من المطالب المناسبة للسورة السابقة ، فابتدأها بذكر الأسماء الحسنى بقوله تبارك وتعالى : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ .
ثمّ لمّا كان العرب يتحرّزون عن الأيمان الكاذبة ، وأنّ الشخص العظيم لا يحلف إلّا على الأمر العظيم الذي لا يرتدع (١) المنكر بالبرهان لنسبته إلى الجدل ، أكّد سبحانه البرهان على الحشر بالأيمان بقوله : ﴿وَالطُّورِ﴾ وهو على ما قيل : الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران ، أو طور سينين ، أو مطلق الجبل (٢) . وعن ابن عباس : الطور كلّ جبل ينبت (٣) . ﴿وَكِتابٍ﴾ كريم ﴿مَسْطُورٍ﴾ ومكتوب على وجه الانتظام. قيل : هو التوراة المكتوب في الألواح (٤) . وقيل : هو القرآن (٥) المكتوب ﴿فِي رَقٍ﴾ وجلد رقيق ﴿مَنْشُورٍ﴾ ومبسوط وقيل : هو اللّوح المحفوظ (٦) . وقيل : هو صحائف الأعمال (٧) المبسوطة للناس يوم القيامة ، أو مفتوحة له لا ختم عليها (٨) .
﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ الذي يكون تحت العرش ، أو في السماء السابعة ، أو الرابعة بحيال الكعبة ، وعمرانه بطواف الملائكة ، يطوف به كلّ يوم سبعون ألف ملك ، ويصلّون فيه ، ولا يعودون إليه أبدا ،
__________________
(١) كذا ، والظاهر لا يردع.
(٢) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٣٩.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ١٨٤.
(٤و٥) تفسير روح البيان ٩ : ١٨٥.
(٦و٧) جوامع الجامع : ٤٦٦.
(٨) تفسير روح البيان ٩ : ١٨٥.