في تفسير سورة الأعلى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الطارق المتضمّنة لبيان مبدأ خلق الانسان والمنّة عليه بنعمة إيجاده وبيان عظمة القرآن وكونه فاصلا بين الحقّ والباطل ، المقتضي لتسبيحه وتعظيمه ، نظمت سورة الأعلى المبتدئة بأمر النبيّ بتسبيحه وتنزيهه ، وبيان خلق الانسان ، والمنّة عليه بنعمه هذه تعالى ، فافتتحها بذكر الأسماء المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ ابتدأها بأمر النبي صلىاللهعليهوآله بتسبيحه بقوله : ﴿سَبِّحِ﴾ يا محمد نزّه عن العيوب والنقائص ﴿اسْمَ رَبِّكَ﴾ وما يطلق على ذاته ﴿الْأَعْلَى﴾ والأرفع من جميع الموجودات شأنا ومقاما وسلطانا ، أو أعلى من أن يصفه الواصفون ويذكره الذاكرون.
وقيل : إنّ المراد بالاسم علمه تعالى ، والمقصود تنزيه ذاته ببيان أبلغ وآكد ، حيث إن من كان اسمه واجب التنزيه والتقديس ، كان تنزيه ذاته أوجب وألزم (١) .
وقيل : إن تنزيه اسمه عدم تسمية غيره تعالى به (٢) ، ومثل صونه عن الابتذال ، والذكر على وجه التعظيم والخشوع (٣) .
وقيل : إنّ المراد من الاسم ذاته (٤) ، وقيل : صفته (٥) ، والمعنى : نزّه صفته المنبئة عن ذاته المقدسة عن النقائص الإمكانية.
وقيل : إنّ لفظ اسم زائد ، والمراد : سبّح ربّك الأعلى (٦) .
عن الباقر عليهالسلام قال : « إذا قرأت ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ فقل : سبحان ربّي الأعلى ، وإن كنت في الصلاة فقل فيما بينك وبين نفسك » (٧) .
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٧١٩.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣١ : ١٣٥.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٠٣.
(٥) تفسير الرازي ٣١ : ١٣٥.
(٦) تفسير الرازي ٣١ : ١٣٦.
(٧) مجمع البيان ١٠ : ٧١٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٣١٦.