في تفسير سورة البروج
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحابُ
الْأُخْدُودِ (١) و (٤)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الانشقاق المتضمّنة لانكار المشركين بالبعث ودار الجزاء ، وعدم إيمانهم بالقرآن وتكذيبهم الرسول صلىاللهعليهوآله ، وكان فيه تألّم قلبه الشريف ، نظمت سورة البروج المتضمّنة لحكاية امتناع أصحاب الاخدود من الايمان ، وإحراقهم المؤمنين بالنار ، وتهديد الذين يؤذون المؤمنين بالعذاب ، لتسلية قلب النبي صلىاللهعليهوآله فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ ابتدأها سبحانه بالقسم بأشياء عظيمة القدر والشرف ، لظهور آثار قدرته وحكمته بها بقوله : ﴿وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ﴾ الاثني عشر التي فيها تسير الشمس في السنة الشمسية. وقيل : إنّ المراد بالبروج منازل القمر (١) ، وهي ثمانية وعشرون كوكبا (٢) . وقيل : هي الكواكب العظام (٣) وتسميتها بالبروج لظهورها ﴿وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ﴾ للناس بلسان الأنبياء ، وهو يوم القيامة ، كما رواه أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآله (٤) وهو يوم فصل القضاء ، وظهور تفرّد الله تعالى بالملك والسلطان ﴿وَشاهِدٍ﴾ وحاضر في ذلك اليوم من الملائكة والجنّ والإنس ، ﴿وَ﴾ يوم ﴿مَشْهُودٍ﴾ وهو يوم القيامة ، كما عن ابن عباس (٥) ، لمعاينة العجائب التي ليست في غيره ، ولقوله تعالى : ﴿ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾(٦) .
وعن أبي موسى الأشعري : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : « اليوم الموعود يوم القيامة ، والشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة » (٧) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ١١٣ ، تفسير أبي السعود ٩ : ١٣٥ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٣٨٥.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٨٥.
(٣) تفسير الرازي ٣١ : ١١٣ ، تفسير أبي السعود ٩ : ١٣٥.
(٤) تفسير الرازي ٣١ : ١١٣.
(٥) تفسير الرازي ٣١ : ١١٤.
(٦) هود : ١١ / ١٠٣.
(٧) تفسير الرازي ٣١ : ١١٥.