أو لأنّ أهل السعادة يؤتون صحائفهم من الجهتين (١) .
عن الباقر عليهالسلام: « من كان له نور يومئذ نجا ، وكلّ مؤمن له نور » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام في هذه الآية قال : « يسعى [ أئمة ] المؤمنين يوم القيامة بين أيديى المؤمنين وبأيمانهم حتّى ينزلوهم منازلهم في الجنة » (٣) .
وهم مع ذلك ﴿يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قيل : هذا قول بعض المؤمنين ، وهم الذين يجوزون على الصراط حبوا وزحفا (٤) وقيل : يدعو كلّهم تقربا إلى الله مع تمام نورهم (٥) . وقيل : إنّ المراد من الاتمام الابقاء حتّى يدخلوا الجنّة ويردوا دار السّلام (٦) .
عن ابن عباس : يقولون ذلك عند انطفاء نور المنافقين إشقاقا (٧) .
وقيل : إنّ أدناهم منزلة من نوره بقدر ما يبصر مواطئ قدمه ، لأنّ النور على قدر الأعمال (٨) .
﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ
الْمَصِيرُ * ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ
عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ
ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (٩) و (١٠)﴾
ثمّ لمّا بدأ السورة بالخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، ختم سبحانه الخطابات بالخطاب إليه بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُ﴾ صلىاللهعليهوآله ﴿جاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ بالسيف والسّنان ﴿وَالْمُنافِقِينَ﴾ بالحجّة والبرهان ، وبالتهديد بالفضيحة والخذلان ﴿وَاغْلُظْ﴾ وشدّد وأخشن ﴿عَلَيْهِمْ﴾ فيما يجاهد الفريقين من القتال والمحاجّة حتّى تضيّق عليهم الدنيا ، وأنا حكمت بأنّ منزلهم ﴿وَمَأْواهُمْ﴾ في الآخرة ﴿جَهَنَّمُ﴾ التي اعدّت للكفار ﴿وَ﴾ هي ﴿بِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ والمرجع في الآخرة ، فلا يكون لهم دنيا ولا آخرة.
ثمّ لمّا بيّن سبحانه خيانة زوجتي النبي صلىاللهعليهوآله وعصيانهما إيّاه في أول السورة ، بيّن سبحانه عدم انتفاعهما بصحبته ، وعدم استفادتهما من كونهما من أزواجه ، بتمثيل حالهما بزوجة نوح وزوجة لوط بقوله : ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وبيّن حالهم الغريبة التي تشابه المثل في الغرابة بتذكيركم حال واعلة التي هي ﴿امْرَأَتَ نُوحٍ﴾ وأهله ﴿وَامْرَأَتَ لُوطٍ﴾ فانّهما ﴿كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٦٥ و٦٦.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٧٨ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٧.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٤٧٨ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٧.
(٤و٥) تفسير الرازي ٣٠ : ٤٨.
(٦) تفسير روح البيان ١٠ : ٦٦.
(٧و٨) تفسير الرازي ٣٠ : ٤٨.