في تفسير سورة الانشقاق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ ما
فِيها وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ * يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ
كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (١) و (٦)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة التطفيف المتضمنة بيان عظمة يوم القيامة ، وعظمة كتاب أعمال الأبرار ، ومهانة أعمال الفجّار ، ورجوع الكافرين (١) إلى أهلهم مسرورين بكفرهم باستهزائهم بالمؤمنين ، نظمت سورة الانشقاق المتضمّنة لبيان أهوال القيامة ، وحسن حال المؤمنين الذين يؤتون كتاب أعمالهم بأيمانهم ، وسوء حال الفجّار الذين يؤتون كتابهم بشمالهم ، ورجوع المؤمنين في الآخرة إلى أهلهم مسرورون ، فابتدئها بذكر الأسماء المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ افتتحها ببيان أهوال يوم القيامة بقوله : ﴿إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ لنزول الملائكة أو للسقوط ، أو الانطواء أو لهول القيامة.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « تنشق من المجرّة ، وهي البياض المستطيل في وسط السماء » (٢) .
﴿وَأَذِنَتْ﴾ السماء وانقادت ﴿لِرَبِّها﴾ وخالقها حين أراد انشقاقها ، كانقياد العبد المطيع لأمر مولاه المطاع ، أو الرعية لحكم السلطان القاهر المقتدر ﴿وَحُقَّتْ﴾ السماء ، حقيقتها بالانقياد له ، لكونها موجودة بايجاد ، باقية بابقائه ، مقهورة تحت قدرته ، مربوبة بتربيته ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ﴾ بأمره تعالى ﴿مُدَّتْ﴾ وبسطت بإزالة جبالها وتلالها وآكامها عن مقارّها بحيث صارت كالصحيفة الملساء ، أو زيدت في سعتها لتتسع لوقوف الأولين والآخرين عليها للحساب.
عن ابن عباس : إذا كان يوم القيامة مدّ الله الأرض مدّ الأديم العكاظي (٣) .
__________________
(١) في النسخة : المؤمنين.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٧٥.
(٣) تفسير الرازي ٣١ : ١٠٣ ، وفيه : الأديم الكاظمي ، تفسير روح البيان ١٠ : ٣٧٥ ، ولم يذكر الراوي.