في تفسير سورة التحريم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ (١) و (٢)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الطلاق المتضمّنة لأحكام طلاق النساء ، وتهديد الكفّار على مخالفة أحكامه ، وتعظيم شأن النبي صلىاللهعليهوآله ، نظمت سورة التحريم المتضمّنة لبيان حكم تحريم الزوجة بالحلف على ترك مقاربتها ، وتهديد الكفّار ، وتعظيم الرسول صلىاللهعليهوآله ووعده بالنّصرة على أعدائه ، وغيرها من جهات الارتباط ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ إنّه تعالى كما خاطب نبيّه صلىاللهعليهوآله في السورة السابقة بصفة النبوة إجلالا له عند ذكر حكم تحريم الزوجة بالطلاق ، خاطبه في هذه السورة أيضا بصفة النبوة عند بيان حكم تحريم الزوجة بالحلف على ترك مقاربتها بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ﴾ على نفسك ، ولأيّ علّة تجعل ممنوع الانتفاع ﴿ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ﴾ من النساء باليمين على ترك المقاربة ، أو العسل بالحلف على ترك شربه ﴿تَبْتَغِي﴾ وتطلب بتحريم الحلال على نفسك ﴿مَرْضاتَ أَزْواجِكَ﴾ وطيب قلوبهنّ مع عدم قابليتهنّ لأن تطلب رضاهنّ ، بل عليهنّ أن يطلبن رضاك ﴿وَاللهُ غَفُورٌ﴾ لرعايتك ما لا يحبّ الله رعايته ﴿رَحِيمٌ﴾ بك بإعطائك الأجر العظيم على تحمّل مشاقّ صحبتهنّ وإيذائهنّ ﴿قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ﴾ وأوجب عليكم ﴿تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ﴾ ومخالفة حلفكم على ترك الاستمتاع ممّا أحل الله لكم ﴿وَاللهُ﴾ القادر على كلّ شيء ﴿مَوْلاكُمْ﴾ وناصركم على أعدائكم الذين من جملتهم أزواجكم ، كما قال : ﴿إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ﴾ ... ﴿عَدُوًّا لَكُمْ ، وَهُوَ﴾ تعالى ﴿الْعَلِيمُ﴾ بمصالحكم ﴿الْحَكِيمُ﴾ في أفعاله وأحكامه ، وفي خطاب النبي بضمير الجمع كمال تعظيمه.
روت العامة : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله خلا بمارية القبطية التي أهداها إليه المقوقس ملك مصر في يوم عائشة