في تفسير سورة الإخلاص
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً
أَحَدٌ (١) و (٤)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد إذلال رأس الضلال ومجسّمة الشرك ، ذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ أمر رسوله بالاعلان بالتوحيد الخالص بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد ، لعموم الناس : إنّ ربكم وخالقكم ومعبودكم ﴿هُوَ اللهُ﴾ المستجمع لجميع صفات الكمال المبرّأ والمنزّه من جميع النقائص ، فهو ﴿أَحَدٌ﴾ لا مثل له ولا نظير ، ولا جزء ولا تركيب.
قيل : إنّ الواحد والأحد بمعنى (١) . وقيل : إنّ الأحد من أسمائه الخاصة التي لا تطلق على غيره تعالى (٢) . وقيل : ﴿هُوَ﴾ ضمير الشأن ، والمعنى أنّ الشأن والحديث هو أنّ الله أحد (٣) . وفيه تفخيم لمعنى الجملة. وقيل : إنّ المعنى ما اوحى إليّ ممّا سألتموه هو أنّ الله أحد (٤) .
روي أنّها نزلت حين أرسل المشركون عامر بن الطفيل إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقالوا : قل له شققت عصانا ، وسببت آلهتنا ، وخالفت دين آبائك ، فان كنت فقيرا أغنيناك ، وإن كنت مجنونا داويناك ، وإن هويت امرأة زوّجناكها. فقال : « لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة ، أنا رسول الله ، أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته » فأرسلوه ثانيا وقالوا : قل له بيّن لنا جنس معبودك ، أمن ذهب أو فضّة ؟ [ ، فأنزل الله هذه السورة (٥) .
عن ابن عباس قال : قدم وفد نجران ، فقالوا : صف لنا ربك أمن زبرجد أو ياقوت ، أو ذهب ، أو فضة ؟ ] فقال : « إنّ ربّي ليس من شيء ، لأنّه خالق الأشياء » فنزلت ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ قالوا : هو واحد وأنت واحد ؟ قال : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾(٦) . قالوا : زدنا من الصّفة فقال : ﴿اللهُ الصَّمَدُ﴾ فقالوا : وما
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٨.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٨.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٨٥٩ ، جوامع الجامع : ٥٥٦.
(٥) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٥.
(٦) الشورى : ٤٢ / ١١.