بعض المعاصي يوجب ذهاب الايمان عن قلب المؤمن ، كترك الصلاة والزكاة والحجّ ، فيحشر في صفّ الكفار.
وقيل : إنّ المراد بالأشقى هو الشقيّ ، وبالصلي الدخول مع الخلود (١) . وعن ( المجمع ) : الأشقى هو صاحب النخلة (٢) . وعن القمي : يعني هذا الذي بخل على رسول الله (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « في جهنم واد فيه نار لا يصلاها إلّا الأشقى ، يعني فلان الذي كذّب رسول الله صلىاللهعليهوآله في علي عليهالسلام وتولّى عن ولايته » ثمّ قال : « النيران بعضها دون بعض ، فما كان من نار هذا الوادي فللنصّاب » (٤) .
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا﴾ ويبعد عنها بحيث لا يسمع حسيسها المؤمن ﴿الْأَتْقَى﴾ والأحرز من الشرك والعصيان ، وهو ﴿الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ﴾ ويعطيه الفقراء ويصرفه في سبيل الله حال كونه ﴿يَتَزَكَّى﴾ ويقصد ببذله الطهارة من رجس الذنوب ودنس البخل ، وهو أبو الدّحداح ، كما عن ( المجمع ) (٥) والقمي (٦) .
﴿وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى * إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (١٩) و (٢٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه خلوص نيّته في البذل لوجه الله بقوله : ﴿وَما لِأَحَدٍ﴾ ممّن يعطيه المال ﴿عِنْدَهُ﴾ شيء ﴿مِنْ نِعْمَةٍ﴾ ومنّة يكون من شأنها أن ﴿تُجْزى﴾ وتكافأ فيقصد باعطائه مجازاتها ، فما يكون إعطاؤه وبذله لغرض من الأغراض ﴿إِلَّا﴾ بغرض واحد وهو ﴿ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ﴾ الذي هو ﴿الْأَعْلى﴾ والأرفع من كلّ موجود ذاتا وصفاتا.
في ردّ بعض العامة
ثمّ لمّا كان طلب ذات الله تعالى محالا ، كان التقدير : ابتغاء رضا ذات الربّ أو ثوابه ، وإمكان حبّ ذات الربّ ، لا يوجب صحّة طلب الذات ، كما ادّعاها بعض العامة (٧) .
نعم لا يحتاج في قوله : ﴿إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ﴾ إلى تقدير شيء في الآية ، لأنّ الأطعام لوجه الله معناه الإطعام لأنّه مستحقّ للطاعة ، كما عن أمير المؤمنين : « عبدتك لا خوفا من نارك ، ولا طمعا في ثوابك ، بل لأنّك مستحق للعبادة » (٨) .
فظهر الفرق بين قوله : أطعت الله ابتغاء لوجهه ، وبين القول : بانّي أطعت الله لوجهه ، وأنّ الخلوص
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٠.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٨.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٤٢٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٨.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٤٢٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٨.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٩.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٤٢٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٩.
(٧) تفسير الرازي ٤ : ٢٠٦ ، و٣١ : ٢٠٦.
(٨) بحار الأنوار ٤١ : ١٤ و٧٢ : ٢٧٨ « نحوه » .