بالانسان أبا جهل (١) .
وروي أنّ عديّ بن أبي ربيعة ختن الأخنس بن شريق ، وهما اللذان قال رسول الله صلىاللهعليهوآله فيهما : « اللهمّ أكفني شرّ جاري السّوء » قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : يا محمد ، حدّثني عن يوم القيامة متى يكون ، وكيف أمره ؟ فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم اصدّقك يا محمد ولم اؤمن بك ، كيف يجمع الله العظام (٢) .
﴿بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ * بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ * يَسْئَلُ
أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ * فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (٤) و (١٠)﴾
ثمّ ردّ سبحانه المنكرين بقوله : ﴿بَلى﴾ نحن كنّا ﴿قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ﴾ ونصنع ﴿بَنانَهُ﴾ وأصابعه وأطرافها كما كانت بعد صيرورتها رميما ورفاة مختلطا بالتراب متفرّقا في أقطار الأرض مع صغرها ورقّتها ، فكيف بغيرها من العظام الكبار الغلاظ ؟
ثمّ نبّه سبحانه على أنّ الحسبان ليس بشبهة وترديد في إمكان إحياء الموتى وقدرة الله عليه ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ﴾ المنكر للبعث ﴿لِيَفْجُرَ﴾ ويكذّب بما يكون ﴿أَمامَهُ﴾ وقدّامه من البعث والحساب.
وقيل : ليدوم على فجوره وعصيانه فيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه (٣) .
وعن القمي وسعيد بن جبير : ليقدّم الذنب ويؤخّر التوبة ويقول : سوف أتوب ، حتى يأتيه الموت على شرّ أحواله وأسوأ أعماله (٤) . وهو لإصراره على الذنب ﴿يَسْئَلُ﴾ تكذيبا واستهزاء بإخبار الله ورسوله بالبعث ﴿أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ﴾ ومتى يكون ؟ فأجابه سبحانه بقوله : ﴿فَإِذا بَرِقَ﴾ وتحيّر ﴿الْبَصَرُ﴾ وشخص برؤية الأهوال الفازعة في يوم تشخص فيه الأبصار ، أو يوم الموت برؤية أسبابه والملائكة الحاضرين لقبض روحه ، فعند ذلك يتيقّن بأن إنكاره البعث كان خطا وغلطا ﴿وَ﴾ إذا ﴿خَسَفَ الْقَمَرُ﴾ وذهب ضوؤه أو انعدم جرمه بالكلية ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ في ذهاب النور ، كما عن النبي صلىاللهعليهوآله (٥) وفي الإعدام.
وقيل : يجمعان أسودين مكوّرين كأنّهما ثوران عقيران في النار (٦) . وقيل : يجمعان ثمّ يقذفان في
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٧.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٧ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٦٥ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٢٤٤.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ٩١٨.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٩٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٥٤ ، تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٨ ، عن سعيد بن جبير.
(٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٢٤٦.
(٦) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٢٠.