في تفسير سورة البينة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ
الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً * فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة القدر المتضمّنة لبيان عظمة القرآن ، نظمت سورة البيّنة المتضمّنة لبيان عظمة الرسول صلىاللهعليهوآله وكتابه بتوصيفه بأنّه جامع لجميع ما في الكتب السماوية ، فابتدأها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ افتتحها بذمّ أهل الكتاب والمشركين بقوله : ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسوله سواء كانوا ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ﴾ كاليهود والنصارى ﴿وَ﴾ من ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾ وعبدة الأصنام والأوثان ﴿مُنْفَكِّينَ﴾ ومفارقين عمّا هم عليه من الكفر والعقائد الفاسدة على حسب قولهم ووعدهم ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ﴾ من قبل الله الحجّة ﴿الْبَيِّنَةُ﴾ والآية الواضحة على بطلان دينهم ، وتلك البيّنة على ما أخبرت به الكتب السماوية هو ﴿رَسُولٌ﴾ عظيم الشأن ، مبعوث ﴿مِنَ﴾ قبل ﴿اللهِ﴾ في آخر الزمان ، يتلوه القرآن ، ولمّا كان جامعا لمطالب الكتب السماوية ﴿يَتْلُوا﴾ بتلاوته عن ظهر القلب ﴿صُحُفاً﴾ وكتبا سماوية ﴿مُطَهَّرَةً﴾ ومنزّهة عن كل باطل (١) لا قبيح وشين وذكر بسوء ، أو مطهّرة من أن يمسه غير المطهّر.
وفي رواية عامية عن الصادق عليهالسلام : « أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يقرأ من الكتاب وإن كان لا يكتب»(٢) .
قيل : إنّ اليهود والنصارى والمشركين كانوا قبل بعثة النبي صلىاللهعليهوآله يقولون : لا ننفكّ عما نحن فيه من ديننا ولا نتركه حتّى يبعث النبي الموعود ، والذي هو مكتوب في التوراة والانجيل (٣) ، فحكى سبحانه ما كانوا يقولونه.
__________________
(١) في النسخة : عن كامل وباطل.
(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ٤٢.
(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٣٨.