والعذاب.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)﴾
ثمّ علّم سبحانه المؤمنين أدب العشرة بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا﴾ واحترزوا ﴿كَثِيراً مِنَ الظَّنِ﴾ بالرسول وبالمؤمنين ، وابعدوا أنفسكم من الحسبان السوء ، والحسبان الذي لا تعلمون أنه حسن أو سيء ، وهو كثير ، وفي مقابلة الظنّ الذي تعلمون أنّه حسن ، وهو بالنسبة إلى غيره قليل ، وذلك ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِ﴾ بهم ، وهو ظنّ السوء ﴿إِثْمٌ﴾ وحرام تتبعه عقوبة وعذاب ، فعليكم الاحتياط والتروّي حتى تعلموا من أي القبيل من الظنّ سوء أو حسن.
روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال « ظنّوا بالمؤمن خيرا » (١) .
وعن الصادق عليهالسلام ، قال : « ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك (٢) منه ، ولا تظنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا ، وأنت تجد لها في الخير محملا » (٣) .
﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ ولا تفتّشوا عن معايبهم المستورة ، وزلّاتهم الخفية ، ولا تبحثوا عن عوراتهم.
عن الصادق عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تطلبوا عثرات المؤمنين ، فانّه من تتبّع عثرات أخيه تتبّع الله عثرته ، ومن تتبّع الله عثرته يفضحه ولو في جوف بيته » (٤) . ورواه بعض العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله(٥) .
ورووا أن جبرئيل قال : يا محمد ، لو كانت عبادتنا على وجه الأرض ، لعملنا ثلاث خصال : سقي الماء للمسلمين ، وإعانة أصحاب القتال ، وستر الذنوب على المسلمين (٦) .
في ذكر بعض مطاعن عمر
وروى بعض العامة أنّ عمر يعسّ ذات ليلة ، فنظر إلى مصباح من خلل باب ، فاطّلع فاذا قوم على شراب لهم ، لم يدر كيف يصنع ، فدخل المسجد ، فأخرج عبد الرحمن بن عوف ، فجاء به إلى الباب ، فنظر وقال له : كيف ترى أن نعمل ؟ فقال : أرى والله أنّا قد أتينا إلى ما نهانا الله عنه ، لأنّا تجسّسنا واطّلعنا على عورة قوم ستروا دوننا ، وما كان لنا أن نكشف ستر الله. فقال عمر : ما أراك إلّا وقد صدقت ، فانصرفا (٧) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٨ : ١٣٤.
(٢) في الكافي : يغلبك.
(٣) الكافي ٢ : ٣٦٩ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٣.
(٤) الكافي ٢ : ٢٦٥ / ٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٣.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٨٦.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٨٦.
(٧) تفسير روح البيان ٩ : ٨٧.