قيل : كان يرفضّ (١) عرقا في اليوم الشديد البرد حين نزوله ، كما عن عائشة (٢) .
وعن ابن عباس : كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربّد وجهه (٣) .
وروي أنّ الوحي نزل عليه وهو على ناقته ، فثقل عليها حتى وضعت جرانها (٤) ، فلم يستطع أن تتحرّك (٥) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « لقد نزلت عليه سورة المائدة وهو على بغلته الشّهباء (٦) وثقل عليه الوحي حتّى وقفت وتدلّى بطنها حتى رأيت سرّتها تكاد تمسّ الأرض » (٧) .
وقيل : يعني ثقيلا في الميزان لكثرة ثواب تلاوته والعمل به (٨) ، أو ثقيلا على المنافقين حيث إنّه يهتك أسرارهم ويبطل أديانهم وأقوالهم (٩) . أو ثقيلا على العقل لأنّه لا يفي بإدراك فوائده ودقائقه ورقائقه(١٠) .
﴿إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً *
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ
فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٦) و (٩)﴾
ثمّ بيّن سبحانه حكمة أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بقيام الليل والعبادة فيها بقوله : ﴿إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ والنهضة فيه ، أو العبادة فيه ﴿هِيَ﴾ خاصة ﴿أَشَدُّ وَطْئاً﴾ أو أكثر كلفة ومشقّة على النفس من التي تؤتى بالنهار ، فتكون أفضل ، لأنّ أفضل العبادة أشقّها ، أو أوفق بالخلوص والخشوع ، أو المراد أنّ النفس الناهضة بالليل للعبادة أشدّ ثباتا وأكثر استقامة ﴿وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ وأحسن كلاما ، كما عن ابن عباس (١١) ، أو أخلص قولا لأن الأصوات تهدأ فيه والحركات تنقطع فيه.
عن الصادق عليهالسلام في الآية : ﴿إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ قال : « قام قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عزوجل لا يريد به غيره » (١٢) .
__________________
(١) أرفضّ العرق : سال وترشّش.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ١٧٤.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ١٧٤.
(٤) الجران : باطن عنق البعير.
(٥) تفسير الرازي ٣٠ : ١٧٤.
(٦) في النسخة ، وتفسير الصافي : بغلة شهباء.
(٧) تفسير العياشي ٢ : ٣ / ١١٦١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٤٠.
(٨) تفسير الرازي ٣٠ : ١٧٤ ، تفسير الطبرى ٢٩ : ٨٠ ، مجمع البيان ١٠ : ٥٧٠.
(٩ و١٠) تفسير الرازي ٣٠ : ١٧٥.
(١١) تفسير الرازي ٣٠ : ١٧٦.
(١٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٩ / ١٣٦٧ ، التهذيب ٢ : ٣٣٦ / ١٣٨٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٤١.