خلّ بيني وبين الوليد ، أعني وحيدا في ظنّه واعتقاده ، أو وحيدا في الشقاوة والضلالة والدناءة (١) ، أو وحيدا لا يعرف له أب ، لأنّه كان لحيقا بقريش.
﴿وَجَعَلْتُ لَهُ﴾ في هذه الدنيا ﴿مالاً مَمْدُوداً﴾ يأتيه شيئا فشيئا على الدوام كالضّرع والزّرع والتجارة.
وعن ابن عباس قال : كان ماله ممتدّا ما بين مكة إلى الطائف [ من ] البساتين التي لا ينقطع نفعها شتاء وصيفا ، والإبل والخيل (٢) .
وقيل : إن الممدود كناية عن الكثير الذي يمتدّ تعديده (٣) .
﴿وَبَنِينَ﴾ كانوا كلّهم ﴿شُهُوداً﴾ وحضورا عنده لا يفارقونه ، أو شهودا معه في المجامع والمحافل.
قيل : كانوا عشرة (٤) . وقيل : سبعة منهم خالد بن الوليد (٥) .
﴿وَمَهَّدْتُ﴾ وبسطت ﴿لَهُ﴾ الرئاسة والجاه في قريش ، وفي العيش والعمر ﴿تَمْهِيداً﴾ وبسطا عجيبا ، فأتممت عليه النّعم الدنيوية ﴿ثُمَ﴾ إنّه مع ذلك ﴿يَطْمَعُ﴾ من شدّة حرصه على الدنيا ﴿أَنْ أَزِيدَ﴾ على ما اعطيته حاشا و ﴿كَلَّا﴾ كيف يطمع [ في ] ذلك.
ثمّ كانّه قيل : لم لا يطمع ولا يزداد ؟ فأجاب سبحانه بقوله : ﴿إِنَّهُ﴾ لخبث ذاته ﴿كانَ لِآياتِنا﴾ ودلائل توحيدنا ومعجزات رسولنا وبراهين البعث والقيامة من قديم الأيام ، أو آياتنا القرآنية ﴿عَنِيداً﴾ ومبغضا ومعارضا بلسانه ، وإن كان معتقدا بقلبه ، ولذا ﴿سَأُرْهِقُهُ﴾ واغشيه واكلّفه كرها بل (٦) ما يطعمه في الدنيا ﴿صَعُوداً﴾ وارتقاء عقبه شاقة المصعد بحيث تغشاه الشدّة والعذاب من كلّ جانب.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثمّ يهوي كذا أبدا » (٧) .
وقيل : إنّه اسم عقبة في النار ، كلّما وضع يده عليها ذابت ، فاذا رفعها عادت (٨) .
﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ
وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ
__________________
(١) في النسخة : والذئامة.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ١٩٨ و١٩٩ ، وقد المصنف خلط بين قول ابن عباس ومقاتل ، تفسير أبي السعود ٩ : ٥٦.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ١٩٩.
(٤) تفسير الرازي ٣٠ : ١٩٩ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٥٦ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٢٢٨.
(٥) تفسير الرازي ٣٠ : ١٩٩ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٥٦.
(٦) كذا ، والظاهر : بدل ، راجع تفسير روح البيان ١٠ : ٢٢٩.
(٧) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٠٠ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٥٧.
(٨) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٠٠ ، تفسير أب السعود ٩ : ٥٧ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٢٢٩.