تحت ضوء الشمس (١) . وعن القمي قال : النّجوم تكنس بالنهار فلا تبين (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عنها فقال : « إمام يخنس سنة ستّين ومائتين ، ثمّ يظهر كالشّهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، وإن أدركت زمانه قرّت عينك » (٣) .
أقول : هذا تأويل ، والأول تنزيل.
﴿وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ﴾ وأقبل ظلامه ، أو أدبر ﴿وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ﴾ وأقبل بطلوعه روح ونسيم أو تكامل ضوؤه وامتدّ.
﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطاعٍ ثَمَّ
أَمِينٍ (١٩) و (٢١)﴾
ثمّ ذكر سبحانه المقسم عليه ، وهو كون القرآن كلام الله بقوله : ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ﴾ الله العظيم النازل بتوسّط ﴿رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ على الله رسالة منه وقيل : إنّ المراد أنّ هذا الذي اخبركم من أمر الساعة القول جبرئيل بالرسالة من الله (٤) . وقيل : إنّ من كرم جبرئيل أنّه يعطى أفضل العطايا ، وهو الوحي والمعرفة والهداية ، ويعطف على المؤمنين ويقهر أعداءهم (٥) .
﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ شديدة وقدرة على امتثال أوامر الله تعالى. روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال لجبرئيل : « ذكر الله قوّتك ، فأخبرني بشيء من آثارها. قال : رفعت قرى قوم لوط الأربع من الماء الأسود بقوادم جناحي حتّى سمع أهل السماء نباح الكلب وأصوات الدّيكة ثمّ قلبتها » (٦) .
وقيل : إنّ المراد القوّة في طاعة الله ، وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر الدنيا (٧) .
﴿عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ﴾ العظيم والسلطان القاهر الغالب ﴿مَكِينٍ﴾ ورفيع المنزلة وعظيم الشأن ﴿مُطاعٍ ثَمَ﴾ وفي السماء بين الملائكة لا يتخلّف أحد منهم عن أمره ﴿أَمِينٍ﴾ على وحي الله ورسالاته ، قد عصمه الله من الخيانة والزّلل.
عن ( المجمع ) : في الحديث : « أنّ رسول الله قال لجبرئيل : ما أحسن ما أثنى عليك ربّك ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ فما كانت قوّتك وما كانت أمانتك ؟ فقال : أمّا قوّتي فانّي بعثت إلى مدائن لوط ، وهي أربع مدائن ، في كلّ مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري ، فحملتهم
__________________
(١) تفسير الصافي ٥ : ٢٩٢.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٤٠٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٢.
(٣) الكافي ١ : ٢٧٦ / ٢٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٢.
(٤) تفسير الرازي ٣١ : ٧٣.
(٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٥١.
(٦و٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٥١.