قيل : إنّ الداهية الكبرى هي وقت تطاير الكتب يوم القيامة وقرأتهم أعمالهم فيها (١) .
وعن ( الإكمال ) عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّ الطامة الكبرى خروج دابة الأرض » (٢) .
﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ﴾ وأظهرت جهنّم إظهارا مكشوفا ﴿لِمَنْ يَرى﴾ ويبصر من أهل المحشر كائنا من كان روي أنّه يكشف عن الجحيم [ فتتلظى ] فيراها كلّ ذي بصر مؤمن وكافر (٣) .
﴿فَأَمَّا مَنْ طَغى﴾ على الله وتجاوز عن الحدّ بالعصيان بالكفر والشرك. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام: « ﴿ مَنْ طَغى﴾ أي ظلّ على عمد (٤) بلا حجة » . (٥) ﴿وَآثَرَ﴾ ورجّح في نظره لنفسه ﴿الْحَياةَ الدُّنْيا﴾ ولذّاتها وجمع زخارفها ، وقدّمها على الآخرة ونعمها ﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى﴾ والمقرّ له في الآخرة أبدا لا نجاة له منها.
قيل : نزلت في النضر بن الحارث وأبيه الغالبين في الكفر والطّغيان (٦) .
﴿وَأَمَّا مَنْ﴾ آمن و﴿خافَ مَقامَ رَبِّهِ﴾ وحين قيامه بالحكومة بين الناس وحضور نفسه في محضر عدل خالقه للحساب ، أو مقامه بين يدي ربّه وخالقه ﴿وَ﴾ لذا ﴿نَهَى النَّفْسَ﴾ ومنعها ﴿عَنِ﴾ اتّباع ﴿الْهَوى﴾ والعمل بما ترغب فيه من الشهوات واللذّات الدنيوية المانعة عن اتّباع الحقّ والعمل بما فيه رضا خالقه ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ﴾ العالية وقصورها ﴿هِيَ الْمَأْوى﴾ والمقرّ له في الآخرة أبدا لا غيرها.
﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها * إِلى رَبِّكَ
مُنْتَهاها * إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً
أَوْ ضُحاها (٤٢) و (٤٦)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه وقع القيامة بعد إثبات إمكانه ، حكى استهزاء المستهزئين من المشركين بالسؤال عن وقت وقوعه أنّه قريب أو بعيد بقوله : ﴿يَسْئَلُونَكَ﴾ يا محمد ، اولئك الكفّار استهزاء ﴿عَنِ﴾ وقت ﴿السَّاعَةِ﴾ والقيامة ويقولون : ﴿أَيَّانَ مُرْساها﴾ وفي أيّ وقت إتيانها وقيامها ؟ أخبرنا به إن كنت من الصادقين.
ثمّ ردّهم الله سبحانه وأنكر عليهم سؤالهم عنها بقوله : ﴿فِيمَ أَنْتَ﴾ يا محمد ﴿مِنْ ذِكْراها﴾ وفي أي شيء تكون من أن تبيّن لهم وقتها ، وتعليمهم به مع اختصاص العلم بها بعلّام الغيوب ، وعدم اطّلاع غيره تعالى عليها كائنا من كان من ملك أو نبيّ مرسل ؟ ﴿إِلى رَبِّكَ﴾ العالم بكلّ شيء
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ٥٠.
(٢) اكمال الدين : ٥٢٧ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨٢.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٢٦.
(٤) في النسخة : عمل.
(٥) الكافي ٢ : ٢٨٩ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨٢.
(٦) تفسير أبي السعود ٩ : ١٠٤.