نجم ، فامتلأ ماء ثمّ نارا ، ففزع أبو طالب ، وقال : أي شيء هذا ؟ فقال عليهالسلام : « هذا نجم رمي به ، وهو آية من آيات الله » فعجب أبو طالب ، فنزلت السورة (١) .
﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ * فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ
* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ * إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى
السَّرائِرُ * فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (٤) و (١٠)﴾
ثمّ ذكر الله سبحانه المقسم عليه بقوله : ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ وما من أحد ﴿لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ﴾ وقيب عالم بأحواله وأفعاله ومصالحه ومنافعه ، وهو الله الخالق له.
وقيل : إنّه الملائكة الحافظون لأعماله الكاتبون لها دقيقها وجليها (٢) ، أو المراد الحافظون لها بحفظ رزقها وأجلها ، الصائنون لها من المهالك ، فإذا استوفت أجلها ورزقها قبضها إلى ربّها وسلّمها إلى المقابر (٣) .
ثمّ لمّا بيّن إحاطته بالنفوس ، بيّن قدرته على إعادة خلقه للمجازاة ، واستدلّ عليها بقدرته على خلقه في الدنيا بقوله : ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ﴾ ويتفكّر العاقل المنكر للبعث أنّه ﴿مِمَّ خُلِقَ﴾ ومن أيّ شيء تكوّن في هذا العالم ؟
ثمّ كأنّه قيل : ممّ خلق يا ربّ ؟ فأجاب سبحانه : ﴿خُلِقَ﴾ وتكوّن ﴿مِنْ ماءٍ﴾ لزج قذر ﴿دافِقٍ﴾ ومنصبّ في الرّحم ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ﴾ والنّخاع الذي في ظهر الرجل ﴿وَ﴾ من بين ﴿التَّرائِبِ﴾ والعظام التي في صدر المرأة.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام وابن عباس : من بين الثديين (٤) .
قيل : إذا تولّد شيء من بين شيئين متباينين يقال إنّه خرج من بينهما (٥) . والدّفق وإن كان صفته ماء الرجل ، ولكن إذا اجتمع مع غيره يصحّ أن يوصف الكلّ بصفة الجزء ، ويقال للمجموع دافق ، فدلّت الآية على أنّ الولد يخلق من ماء الرجل والمراة ، كما دلّ عليه ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من قوله : « إذا غلب ماء الرجل يكون الولد ذكرا ، ويعود شبهه إليه وإلى أقاربه ، وإذا غلب ماء المرأة فإليها وإلى أقاربها يعود الشبه » (٦) .
قيل : تتكوّن النّطفة من جميع أجزاء البدن ، ثمّ تجتمع نطفة الرجل في فقار ظهره ، ونطفة المرأة في
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ١٢٧.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣١ : ١٢٨.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٩٨.
(٥) تفسير الرازي ٣١ : ١٢٩.
(٦) تفسير الرازي ٣١ : ١٢٩.