عن ابن عباس : أي للمشركين ، فانّ الشّرك أسرف الذنوب وأعظمها (١) .
﴿فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ * وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ * وَفِي مُوسى إِذْ
أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ *
فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ * وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ
الرِّيحَ الْعَقِيمَ * ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ * وَفِي ثَمُودَ
إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ
يَنْظُرُونَ * فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ
إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٥) و (٤٦)﴾
ثمّ أخبر الله سبحانه بلطفه بلوط بقوله : ﴿فَأَخْرَجْنا﴾ قبل نزول العذاب على القرى الخمسة ، أو السبعة ﴿مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بأن قلنا للوط : ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾(٢) .
﴿فَما وَجَدْنا فِيها﴾ أهلا للنجاة من العذاب ﴿غَيْرَ﴾ أهل ﴿بَيْتٍ﴾ واحد ﴿مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ وهم لوط وأهله ، كما عن النبي صلىاللهعليهوآله (٣) ، قيل : أهله بنتاه (٤) ، وقيل : كانوا ثلاثة عشر سوى امرأته الكافرة (٥) ، ﴿وَتَرَكْنا﴾ بتعذيب أهل القرى ﴿فِيها آيَةً﴾ عظيمة ودلالة واضحة على التوحيد وبطلان الشرك ، وهي تلك الحجارة المسوّمة ، أو ماء أسود منتن خرج من أرضهم ﴿لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾ فانّهم يرون آثار العذاب آية ، ويعتبرون بها ، لسلامة فطرتهم ، وتنوّر قلوبهم ، وقوّة بصيرتهم دون من عداهم.
﴿وَفِي﴾ حديث ﴿مُوسى﴾ بن عمران عليهالسلام أيضا آية وعبرة - وقيل : إنّه عطف على قوله : ﴿وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ﴾(٦) - ﴿إِذْ أَرْسَلْناهُ﴾ من جانب الطور الأيمن ﴿إِلى فِرْعَوْنَ﴾ ملك مصر مستدلا على رسالته ﴿بِسُلْطانٍ﴾ ومعجز باهر ﴿مُبِينٍ﴾ كالعصا واليد والبيضاء وغيرهما ﴿فَتَوَلَّى﴾ فرعون ، وأعرض عن دعوة موسى عليهالسلام ﴿بِرُكْنِهِ﴾ وجانبه ، ولم يقبل دعوته ، ولم يعتن به. وقيل : يعني وتقوّى على معارضة موسى بقومه وجنده (٧) ، أو تصدّى لدفع (٨) موسى بقوّة نفسه حيث قال : ذروني أقتل
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ١٦٤.
(٢) هود : ١١ / ٨١.
(٣) علل الشرائع : ٥٥٠ / ٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٧٢.
(٤) مجمع البيان ٩ : ٢٣٨ ، تفسير روح البيان ٩ : ١٦٤.
(٥) تفسير أبي السعود ٨ : ١٤١ ، تفسير روح البيان ٩ : ١٦٥.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ١٦٥.
(٧) تفسير روح البيان ٩ : ١٦٦.
(٨) في النسخة : دفع.