محمّد ودينه أولا وظهور الطّحية العمياء بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله.
وفي التكنية عن أبي بكر بالليل ، وعن النبي صلىاللهعليهوآله بالنهار والضحى ، على اعترافه ، إشارة إلى أنّ أبا بكر باطنه ضدّ باطن الرسول ، فانّه ظلمة محضة ، كما أنّ الرسول نور محض ، وكما أنّ الرسول أضاء الدنيا بنور علمه وهدايته ، كذلك أظلم أبو بكر الدنيا بظلمة جهله وغوايته.
وقيل : إنّ نكتة تقديم الليل في سورة وتقديم الضحى في سورة الاشارة إلى أنّ لكلّ منهما شرف وفضيلة ، وأنّ بهما ينتظم أمر العالم (١) ، فانّ المراد بالضّحى جميع النهار ، وبالليل جميعه.
وروى بعض العامة عن الصادق عليهالسلام : « أنّ المراد بالضحى هو الضحى الذي كلّم الله فيه موسى وبالليل (٢) ليلة المعراج » (٣) .
وقيل : إنّ المراد بالضحى الضحى الذي ألقى فيه السّحرة سجّدا ، حيث قال تعالى : ﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾(٤) .
﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضى (٣) و (٥)﴾
ثمّ ذكر سبحانه المقسم عليه بقوله : ﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ وما بالغ في تركك بالحطّة عن درجة القرب والكرامة والوحي ﴿وَما قَلى﴾ وما أبغضك (٥) بتركك وروى بعض العامّة ، بل نسب إلى مفسّريهم : أنّه أبطاء [ الوحي ] عليه أربعين ليلة ، فشكا ذلك إلى خديجة ، فقالت : لعلّ ربّك نسيك أو قلاك (٦) .
وروى بعضهم : أنّ مشركي قريش أرسلوا إلى يهود المدينة وسألوهم عن أمر محمد صلىاللهعليهوآله ، فقالت لهم اليهود : سلوه عن أصحاب الكهف ، وعن قصّة ذي القرنين ، وعن الرّوح ، فان أخبركم عن قصّة أهل الكهف ، وقصّة ذي القرنين ، ولم يخبركم عن أمر الروح ، فاعلموا أنّه صادق. فجاءه المشركون سألوه عنها ، فقال : إرجعوا سأخبركم غدا » ولم يقل : إن شاء الله ، فاحتبس الوحي عنه ، فقال المشركون : إنّ محمدا ودّعه ربّه وقلاه (٧) ، فنزلت السورة.
وروى بعضهم ، أنّ جروا دخل البيت ، فدخل تحت السرير ومات ، فمكث نبي الله صلىاللهعليهوآله أياما لا ينزل عليه الوحي ، فقال لخادمته : « يا خولة ، ما حدث في بيتي ، إنّ جبرئيل لا يأتيني » قالت خولة : فكشفت
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ٢٠٧.
(٢) في النسخة : وبالليلة.
(٣) تفسير أبي السعود ٩ : ١٦٩.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٢ ، والآية من سورة طه : ٢٠ / ٥٩.
(٥) زاد في النسخة : كي.
(٦) تفسير الرازي ٣١ : ٢٠٩.
(٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٤.