في تفسير سورة المجادلة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ
تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الحديد المتضمّنة لبيان ابتداع الرّهبانية التي من أركانها ترك التزوّج والعشرة مع الناس في دين المسيح ، والمختتمة بدعوة الناس إلى الايمان بخاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله الناسخ للرّهبانية بقوله : « لا رهبانية في الاسلام » (١) والآمر بالتزويج حيث قال : « النكاح سنّتي ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي » (٢) الباعث إلى مصادقة الناس والمعاشرة معهم ، نظمت سورة المجادلة المتضمّنة لبيان بعض أحكام الأزواج والمباشرة التي يكون الالتزام بها من شؤون الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوآله والتحذير عن موادة الكفار ، فابتدأها بذكر أسمائه بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ افتتحها بذكر مقدّمة نسخ حكم الظهار بين الزوج والزوجة بقوله : ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ﴾ المرأة ﴿الَّتِي تُجادِلُكَ﴾ وتكالمك يا محمد ﴿فِي﴾ شأن ﴿زَوْجِها﴾ وتراجعك بالكلام فيه ﴿وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ﴾ ممّا لقيته من ظهار زوجها ﴿وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما﴾ وتخاطبكما فيه ﴿إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ لكلّ مقال ﴿بَصِيرٌ﴾ بكلّ حال.
في بيان شأن نزول آيات الظهار
روي أنّ خولة بنت ثعلبة (٣) بن مالك بن خزاعة الخزرجية كانت حسنة البدن ، رآها زوجها أوس بن الصامت أخو عبادة وهي تصلّي ، فاشتهى مواقعتها ، فلمّا سلّمت راودها فأبت ، فغضب أوس ، وكان به خفّة ، وقال : أنت عليّ كظهر امّي ، ثمّ ندم وقال لها : ما أظنّك إلّا وقد حرمت عليّ ، فشقّ ذلك عليها ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوآله وعائشة تغسل شقّ رأسه عليهالسلام فقالت : يا رسول الله ، إنّ زوجي أوس بن الصامت أبو ولدي وابن عمّي وأحبّ الناس إليّ ،
__________________
(١) النهاية لابن الأثير ٢ : ٢٨٠.
(٢) جامع الاخبار : ٢٧١ / ٧٣٧.
(٣) في النسخة : تغلب ، وما في المتن من مجمع البيان ، راجع : اسد الغابة ٥ : ٤٤٢.