﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ
يُؤْمِنُونَ (٤٨) و (٥٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه شدّة طغيانهم على الله بقوله : ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا﴾ أو اخضعوا لربّكم المنعم عليكم بتلك النّعم العظام الدنيوية وعظّموه شكرا عليها ﴿لا يَرْكَعُونَ [ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ]﴾ ويصرّون على كفرهم. عن ابن عباس : أنّ المراد بالركوع في الآية الصلاة (١) ، فالمعنى أنّ الكفّار إذا دعوا للصلاة لا يصلّون ، فذمّهم سبحانه على ترك انقيادهم لله في الاصول والفروع ، وفيه دلالة على أنّ الكفار مكلّفون بالفروع كما أنّهم مكلّفون بالاصول ومعاقبون عليهما.
قيل : نزلت في ثقيف حين أمرهم الرسول صلىاللهعليهوآله بالصلاة فقالوا : لا ننحني فانّها سبّة (٢) .
ثمّ لمّا بالغ سبحانه في كتابه الكريم في إقامة البراهين على وجوب الايمان بالله والانقياد له ، وزجر الكفار عن العتوّ والعصيان ، ومع ذلك لم يؤمنوا ولم يتأثّروا ولم يتّعظوا بمواعظه ، ختم السورة المباركة بإظهار التعجّب من عدم إيمانهم بقوله : ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ﴾ وبيان غير القرآن و﴿بَعْدَهُ﴾ مع كونه إعجازا وجامعا للمواعظ الشافية والعلوم والحكم ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ فاذا لم يؤمنوا به فهم في غاية القساوة واللّجاج والعناد.
عن الصادق عليهالسلام : « من قرأ سورة ﴿وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً﴾ عرّف الله بينه وبين محمّد صلىاللهعليهوآله»(٣).
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٨٤.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٦٣٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧١ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٥٥٩.
(٣) ثواب الاعمال : ١٢١ ، مجمع البيان ١٠ : ٦٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧٢.