من الواجبات ﴿فَإِنَّ لَهُ﴾ في الآخرة ﴿نارَ جَهَنَّمَ﴾ حال كونهم ﴿خالِدِينَ فِيها أَبَداً﴾.
﴿حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً * قُلْ إِنْ
أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً * عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى
غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ
شَيْءٍ عَدَداً (٢٤) و (٢٨)﴾
ثمّ لمّا كان الكفّار يستضعفون أنصار النبي صلىاللهعليهوآله ، ويستقلّون عدد أصحابه ، فكأنّه تعالى قال : لا يزال المشركون يستضعفون المؤمنين ويستقلّون عددهم ﴿حَتَّى إِذا﴾ ماتوا و﴿رَأَوْا﴾ بعد الموت ﴿ما يُوعَدُونَ﴾ به من فنون العذاب ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾ عند حلوله بهم ﴿مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً﴾ هم أم محمد وأصحابه.
وقيل : إنّ المراد من ﴿ما يُوعَدُونَ﴾ عذاب يوم بدر (١) .
ثمّ لمّا قال سبحانه : ﴿إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ﴾ قال المشركون : متى يكون هذا الوعد ؟ فأمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يجيبهم بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهم ﴿إِنْ أَدْرِي﴾ وما أعلم ﴿أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ﴾ من العذاب ﴿أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً﴾ ومدّة طويلة وأجلا بعيدا ، فانّ الله لم يعيّن وقته لحكمة رآها في إخفائه ، وهو تعالى ﴿عالِمُ الْغَيْبِ﴾ ومطّلع على جميع الخفايا ﴿فَلا يُظْهِرُ﴾ ولا يعلم ﴿عَلى غَيْبِهِ﴾ ومعلوماته الخفية ﴿أَحَداً﴾ من خلقه ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضى﴾ وأحبّ إعلامه بالمغيبات ﴿مِنْ رَسُولٍ﴾.
عن الباقر عليهالسلام قال : « وكان محمّد صلىاللهعليهوآله ممّن ارتضاه » (٢) .
وعن الرضا عليهالسلام : « فرسول الله صلىاللهعليهوآله عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة » (٣) .
﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ﴾ قدّام الرسول المرتضى ، ويقيم ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ﴾ يجعل ﴿مِنْ خَلْفِهِ﴾ ووراء ظهره ومن جميع جوانبه عند إعلامه بالغيب ﴿رَصَداً﴾ وحرسا من الملائكة يحرسونه من الشياطين.
قيل : يعني إذا نزل جبرئيل بالرسالة نزل معه ملائكة يحفظونه من أن يسمع الجنّ الوحي ، فيلقونه
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٩ : ٤٧.
(٢) الكافي ١ : ٢٠٠ / ٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٣٨.
(٣) الخرائج والجرائح ١ : ٣٤٣ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٣٨.